للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب يوم الأحد لأربع بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة.

وذكر عن محمد المخلوع انه قبل مقتله، وبعد ما صار في المدينة، ورأى الأمر قد تولى عنه، وأنصاره يتسللون فيخرجون إلى طاهر، قعد في الجناح الذي كان عمله على باب الذهب- وكان تقدم في بنائه قبل ذلك- وأمر بإحضار كل من كان معه في المدينة من القواد والجند، فجمعوا في الرحبة، فأشرف عليهم، وقال:

الحمد لله الذي يرفع ويضع، ويعطي ويمنع، ويقبض ويبسط، وإليه المصير أحمده على نوائب الزمان، وخذلان الأعوان، وتشتت الرجال، وذهاب الأموال، وحلول النوائب، وتوفد المصائب، حمدا يدخر لي به أجزل الجزاء، ويرفدني أحسن العزاء وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له كما شهد لنفسه، وشهدت له ملائكته، وأن محمدا عبده الامين، ورسوله الى المسلمين، ص، آمين رب العالمين.

أما بعد يا معشر الأبناء، وأهل السبق إلى الهدى، فقد علمتم غفلتي كانت أيام الفضل بْن الربيع وزير علي ومشير، فمادت به الأيام بما لزمني به من الندامة في الخاصة والعامة، إلى ان نبهتمونى فانتبهت، واستعنتموني في جميع ما كرهتهم من نفسي وفيكم، فبذلت لكم ما حواه ملكي، ونالته مقدرتي، مما جمعته وورثته عن آبائي، فقودت من لم يجز، واستكفيت من لم يكف، واجتهدت- علم الله- في طلب رضاكم بكل ما قدرت عليه، واجتهدتم- علم الله- في مساءتي في كل ما قدرتم عليه، من ذلك توجيهى إليكم علي بْن عيسى شيخكم وكبيركم وأهل الرأفة بكم والتحنن عليكم، فكان منكم ما يطول ذكره، فغفرت الذنب، وأحسنت واحتملت، وعزيت نفسي عند معرفتي بشرود الظفر، وحرصي على مقامكم مسلحة بحلوان مع ابن كبير صاحب دعوتكم، ومن على يدي أبيه كان فخركم، وبه تمت طاعتكم: عبد الله بْن حميد بْن قحطبة، فصرتم من التألب عليه إلى ما لا طاقة

<<  <  ج: ص:  >  >>