غدرت بالملك الميمون طائره ... وبالإمام وبالضرغامة الأسد
سارت إليه المنايا وهي ترهبه ... فواجهته بأوغاد ذوي عدد
بشورجين واغتام يقودهم ... قريش بالبيض في قمص من الزرد
فصادفوه وحيدا لا معين له ... عليهم غائب الأنصار بالمدد
فجرعوه المنايا غير ممتنع ... فردا فيا لك من مستسلم فرد
يلقى الوجوه بوجه غير مبتذل ... ابهى وانقى من القوهية الجدد
وا حسرتا وقريش قد أحاط به ... والسيف مرتعد في كف مرتعد
فما تحرك بل ما زال منتصبا ... منكس الرأس لم يبدي ولم يعد
حتى إذا السيف وافى وسط مفرقه ... أذرته عنه يداه فعل متئد
وقام فاعتلقت كفاه لبته ... كضيغم شرس مستبسل لبد
فاحتزه ثم أهوى فاستقل به ... للأرض من كف ليث محرج حرد
فكاد يقتله لو لم يكاثره ... وقام منفلتا منه ولم يكد
هذا حديث أمير المؤمنين وما ... نقصت من أمره حرفا ولم أزد
لا زلت أندبه حتى الممات وإن ... أخنى عليه الذي أخنى على لبد
وذكر عن الموصلي أنه قَالَ: لما بعث طاهر برأس محمد إلى المأمون بكى ذو الرياستين، وقال: سل علينا سيوف الناس والسنتهم، أمرناه أن يبعث به أسيرا فبعث به عقيرا! وقال له المأمون: قد مضى ما مضى فاحتل في الاعتذار منه، فكتب الناس فأطالوا، وجاء أحمد بْن يوسف بشبر من قرطاس فيه:
أما بعد، فإن المخلوع كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، وقد فرق الله بينه وبينه في الولاية والحرمه، لمفارقته عصم الدين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين، يقول الله عز وجل حين اقتص علينا نبأ ابن نوح: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» ، فلا طاعة لأحد في معصية