تقتلني فتأثم فشأنك، وإن تفضلت فأهل لذلك أنت، ولست أعود قَالَ:
فإني أتفضل عليك قَالَ: وجاء محمد، فقال: افرشوا لنا على تلك البركة، ففرشوا له عليها، فجلس وجلسنا وهي مملوءة ماء، فقال: يا عم، اشتهيت أن اصنع شيئا، أرمي بعبيد الله إلى البركة وتضحك منه قَالَ: يا سيدي إن فعلت هذا قتلته لشدة برد الماء وبرد يومنا هذا، ولكني أدلك على شيء خيرت به، طيب، قَالَ: ما هو؟ قَالَ: تأمر به يشد في تخت، ويطرح على باب المتوضأ، ولا يأتي باب المتوضأ أحد إلا بال على رأسه فقال: طيب والله، ثم أتى بتخت فأمر فشددت فيه، ثم أمر فحملت والقيت على باب المتوضإ، وجاء الخدم فأرخوا الرباط عني، وأقبلوا يرونه أنهم يبولون علي وأنا أصرخ، فمكث بذلك ما شاء الله وهو يضحك ثم أمر بي فحللت وأريته أني تنظفت وأبدلت ثيابي وجاوزت عليه وذكر عن عبد الله بن العباس بن الفضل بْن الربيع عن أبيه وكان حاجب المخلوع- قَالَ: كنت قائما على رأسه، فأتي بغداء فتغدى وحده، وأكل أكلا عجيبا، وكان يوما يعد للخلفاء قبله على هيئة ما كان يهيأ لكل واحد منهم يأكل من كل طعام، ثم يؤتى بطعامه قَالَ: فأكل حتى فرغ ثم رفع رأسه إلى أبي العنبر- خادم كان لأمه- فقال: اذهب إلى المطبخ، فقل لهم يهيئون لي بزماورد، ويتركونه طوالا لا يقطعونه، ويكون حشوة شحوم الدجاج والسمن والبقل والبيض والجبن والزيتون والجوز، ويكثرون منه ويعجلونه، فما مكث إلا يسيرا حتى جاءوا به في خوان مربع، وقد جعل عليه البزماورد الطوال، على هيئة القبة العبد صمدية، حتى صير أعلاها بزماوردة واحدة، فوضع بين يديه، فتناول واحدة فأكلها، ثم لم يزل كذلك حتى لم يبق على الخوان شيئا.
وذكر عن علي بْن محمد أن جابر بْن مصعب حدثه، قَالَ: حدثني مخارق، قَالَ: مرت بي ليلة ما مرت بي مثلها قط، إني لفي منزلي بعد ليل،