الأمور، ويولي من رأى، ويعزل من أحب، وإليه الأمور كلها، ورجع زهير من يومه الذي هزم فيه إلى قصر ابن هبيرة، فأقام به وكان الحسن بْن سهل قد وجه عبدوس بْن محمد بْن أبي خالد المروروذي إلى النيل حين وجه زهير إلى الكوفة، فخرج بعد ما هزم زهير عبدوس يريد الكوفة بأمر الحسن بْن سهل، حتى بلغ الجامع هو وأصحابه، وزهير مقيم بالقصر، فتوجه أبو السرايا إلى عبدوس، فواقعه بالجامع، يوم الأحد لثلاث عشرة بقيت من رجب فقتله، وأسر هارون بْن محمد بْن أبي خالد، واستباح عسكره وكان عبدوس- فيما ذكر- في أربعة آلاف فارس، فلم يفلت منهم أحد، كانوا بين قتيل وأسير، وانتشر الطالبيون في البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة، ونقش عليها:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ» ، ولما بلغ زهيرا قتل أبي السرايا عبدوسا وهو بالقصر، انحاز بمن معه إلى نهر الملك.
ثم إن أبا السرايا أقبل حتى نزل قصر ابن هبيرة بأصحابه، وكانت طلائعه تأتي كوثى ونهر الملك، فوجه أبو السرايا جيوشا إلى البصرة وواسط فدخلوهما، وكان بواسط ونواحيها عبد الله بْن سعيد الحرشي واليا عليها من قبل الحسن ابن سهل، فواقعه جيش أبي السرايا قريبا من واسط فهزموه، فانصرف راجعا إلى بغداد، وقد قتل من أصحابه جماعة وأسر جماعة فلما راى الحسن ابن سهل أن أبا السرايا ومن معه لا يلقون له عسكرا إلا هزموه، ولا يتوجهون إلى بلدة إلا دخلوها، ولم يجد فيمن معه من القواد من يكفيه حربه، اضطر إلى هرثمة- وكان هرثمة حين قدم عليه الحسن بْن سهل العراق واليا عليها من قبل المأمون، سلم ما كان بيده من الأعمال، وتوجه نحو خراسان مغاضبا للحسن، فسار حتى بلغ حلوان- فبعث إليه السندي وصالحا صاحب المصلى يسأله الانصراف إلى بغداد لحرب أبي السرايا، فامتنع وأبى وانصرف الرسول إلى الحسن بإبائه، فأعاد إليه السندي بكتب لطيفة، فأجاب، وانصرف إلى