الجلودي ورجاء بْن أبي الضحاك ابن عم الفضل بْن سهل بالمنبر، فوضع بين الركن والمقام حيث كان محمد بْن جعفر بويع له فيه، وقد جمع الناس من القريشيين وغيرهم، فصعد الجلودي رأس المنبر، وقام محمد بْن جعفر تحته بدرجة، وعليه قباء أسود وقلنسوة سوداء، وليس عليه سيف ليخلع نفسه.
ثم قام محمد، فقال:
أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا محمد بْن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ بْن علي بن أبي طالب، فإنه كان لعبد الله عبد الله أمير المؤمنين في رقبتي بيعة بالسمع والطاعة، طائعا غير مكره، وكنت أحد الشهود الذين شهدوا في الكعبة في الشرطين لهارون الرشيد على ابنيه: محمد المخلوع وعبد الله المأمون أمير المؤمنين ألا وقد كانت فتنة غشيت عامة الأرض منا ومن غيرنا وكان نمي إلي خبر، أن عبد الله عبد الله المأمون أمير المؤمنين كان توفي، فدعاني ذلك إلى أن بايعوا لي بإمرة المؤمنين، واستحللت قبول ذلك لما كان علي من العهود والمواثيق في بيعتي لعبد الله عبد الله الإمام المأمون، فبايعتموني- أو من فعل منكم- ألا وقد بلغني وصح عندي أنه حي سوي ألا وإني أستغفر الله مما دعوتكم إليه من البيعة، وقد خلعت نفسي من بيعتي التي بايعتموني عليها، كما خلعت خاتمي هذا من أصبعي، وقد صرت كرجل من المسلمين فلا بيعة لي في رقابهم، وقد أخرجت نفسي من ذلك، وقد رد الله الحق إلى الخليفة المأمون عبد الله عبد الله المأمون أمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد خاتم النبيين والسلام عليكم أيها المسلمون ثم نزل فخرج به عيسى بْن يزيد الجلودي إلى العراق، واستخلف على مكة ابنه محمد بْن عيسى في سنة إحدى ومائتين، وخرج عيسى ومحمد بْن جعفر حتى سلمة إلى الحسن بْن سهل، فبعث به الحسن بْن سهل إلى المأمون بمرو مع رجاء بْن أبي الضحاك.
وفي هذه السنة وجه إبراهيم بْن موسى بْن جعفر بْن محمد الطالبي بعض ولد عقيل بْن أبي طالب من اليمن في جند كثيف إلى مكة ليحج بالناس، فحورب العقيلي فهزم، ولم يقدر على دخول مكة.