للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَأَى رَهْجًا قَرِيبًا مِنْهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: بِلْقِيسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَقَدْ نَزَلَتْ مِنَّا بِهَذَا الْمَكَانِ! قَالَ مُجَاهِدٌ: فَوَصَفَ لَنَا ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَحَزَرْتُهُ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ قَدْرَ فَرْسَخٍ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى جُنُودِهِ فقال:

«أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ» الَّذِي أَنْتَ فِيهِ إِلَى الْحِينِ الَّذِي تَقُومُ إِلَى غَدَائِكَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ: مَنْ يَأْتِينِي بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ؟

«قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا قَطَعَ كَلَامَهُ رَدَّ سُلَيْمَانُ بَصَرَهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَرَأَى سَرِيرَهَا قَدْ خَرَجَ وَنَبَعَ مِنْ تَحْتِ كُرْسِيِّهِ، «فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ» إِذْ أَتَانِي بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيَّ طرفي «أَمْ أَكْفُرُ» إِذْ جَعَلَ مَنْ تَحْتَ يَدَيَّ أَقْدَرَ عَلَى الْمَجِيءِ بِهِ مِنِّي قَالَ:

فَوَضَعُوا لَهَا عَرْشَهَا، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَتْ قَعَدَتْ إِلَى سُلَيْمَانَ، قِيلَ لها:

«أَهكَذا عَرْشُكِ» ؟ فنظرت اليه فقالت: «كَأَنَّهُ هُوَ» ! ثُمَّ قَالَتْ:

لَقَدْ تَرَكْتُهُ فِي حُصُونِي، وَتَرَكْتُ الْجُنُودَ مُحِيطَةً بِهِ، فَكَيْفَ جِيءَ بِهَذَا يَا سُلَيْمَانُ! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ فَأَخْبِرْنِيهِ، قَالَ: سَلِي، قَالَتْ: أَخْبِرْنِي عَنْ مَاءٍ رَوَاءٍ، لا مِنْ سَمَاءٍ وَلا مِنْ أَرْضٍ- قَالَ: وَكَانَ إِذَا جَاءَ سُلَيْمَانَ شَيْءٌ لا يَعْلَمُهُ بَدَأَ فَسَأَلَ الْإِنْسَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْإِنْسِ فِيهِ عِلْمٌ وَإِلَّا سَأَلَ الْجِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْجِنِّ عِلْمٌ بِهِ سَأَلَ الشَّيَاطِينَ- قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ: مَا أَهْوَنَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! مُرِ الْخَيْلَ فَلْتَجْرِ ثُمَّ تَمْلَأِ الآنِيَةَ مِنْ عَرَقِهَا، فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: عَرَقُ الْخَيْلِ، قَالَتْ: صَدَقْتَ قَالَتْ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَوْنِ الرَّبِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَثَبَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَرِيرِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا قال العباس: قال على: فأخبرني عمر بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: صُعِقَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَخَرَّ عَنْ سَرِيرِهِ.

ثُمَّ رَجَعَ، إِلَى حَدِيثِهِ قَالَ: فَقَامَتْ عَنْهُ، وَتَفَرَّقَتْ عَنْهُ جُنُودُهُ، وجاءه

<<  <  ج: ص:  >  >>