نصحه، وأن طاهر بْن الحسين قد أبلى في طاعته ما أبلى، وافتتح ما افتتح، وقاد إليه الخلافة مزمومة، حتى إذا وطأ الأمر أخرج من ذلك كله، وصير في زاوية من الأرض بالرقة، قد حظرت عليه الأموال حتى ضعف أمره فشغب عليه جنده، وأنه لو كان على خلافتك ببغداد لضبط الملك، ولم يجترأ عليه بمثل ما اجترئ به على الحسن بْن سهل، وأن الدنيا قد تفتقت من أقطارها، وأن طاهر بْن الحسين قد تنوسي في هذه السنين منذ قتل محمد في الرقة، لا يستعان به في شيء من هذه الحروب، وقد استعين بمن هو دونه أضعافا، وسألوا المأمون الخروج الى بغداد في بني هاشم والموالي والقواد، والجند لو رأوا عزتك سكنوا الى ذلك، وبخعوا بالطاعة.
فلما تحقق ذلك عند المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد، فلما أمر بذلك علم الفضل بْن سهل ببعض ذلك من أمرهم، فتعنتهم حتى ضرب بعضهم بالسياط وحبس بعضا، ونتف لحى بعض، فعاوده علي بْن موسى في أمرهم، وأعلمه ما كان من ضمانه لهم، فأعلمه أنه يداري ما هو فيه ثم ارتحل من مرو فلما أتى سرخس شد قوم على الفضل بْن سهل وهو في الحمام، فضربوه بالسيوف حتى مات، وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان سنة اثنتين ومائتين فأخذوا وكان الذين قتلوا الفضل من حشم المأمون وهم أربعة نفر:
أحدهم غالب المسعودي الأسود، وقسطنطين الرومي، وفرج الديلمي، وموفق الصقلبي، وقتلوه وله ستون سنة، وهربوا فبعث المأمون في طلبهم، وجعل لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار، فجاء بهم العباس بْن الهيثم بْن بزرجمهر الدينوري، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله، فأمر بهم فضربت أعناقهم.
وقد قيل: إن الذين قتلوا الفضل لما أخذوا ساءلهم المأمون، فمنهم من قَالَ: إن علي بْن أبي سعيد، ابن أخت الفضل دسهم، ومنهم من أنكر ذلك.
وأمر بهم فقتلوا ثم بعث إلى عبد العزيز بْن عمران وعلي وموسى وخلف فساء لهم فأنكروا ان يكونوا علموا بشيء من ذلك، فلم يقبل ذلك منهم وأمر بهم فقتلوا، وبعث برءوسهم إلى الحسن بْن سهل إلى واسط، وأعلمه ما دخل عليه من المصيبة بقتل الفضل، وأنه قد صيره مكانه ووصل الكتاب بذلك إلى الحسن