للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبكار، ولا يغسلها إلا الأبكار، ولا تمسها امرأة قد رأت الدم، فلبسها ثم خرج إلى فلاة من الأرض وحده، فأمر برماد ففرش له، ثم أقبل تائبا إلى الله حتى جلس على ذلك الرماد، فتمعك فيه بثيابه تذللا لله جل وعز وتضرعا إليه، يبكي ويدعو ويستغفر مما كان في داره، ويقول فيما يقول- فيما ذكر لي والله أعلم: رب ماذا ببلائك عند آل داود أن يعبدوا غيرك، وأن يقروا في دورهم وأهاليهم عبادة غيرك! فلم يزل كذلك يومه حتى أمسى، يبكي إلى الله ويتضرع إليه ويستغفره، ثم رجع إلى داره- وكانت أم ولد له يقال لها:

الأمينة، كان إذا دخل مذهبه، أو أراد إصابة امرأة من نسائه وضع خاتمه عندها حتى يتطهر، وكان لا يمس خاتمه إلا وهو طاهر، وكان ملكه في خاتمه، فوضعه يوما من تلك الأيام عندها كما كان يضعه ثم دخل مذهبه، وأتاها الشيطان صاحب البحر- وكان اسمه صخرا- في صورة سليمان لا تنكر منه شيئا، فقال: خاتمي يا أمينة! فناولته إياه، فجعله في يده، ثم خرج حتى جلس على سرير سليمان، وعكفت عليه الطير والجن والإنس، وخرج سليمان فأتى الأمينة، وقد غيرت حالته وهيئته عند كل من رآه، فقال: يا أمينة، خاتمي! فقالت: ومن أنت؟ قَالَ: أنا سليمان بن داود، فقالت: كذبت، لست بسليمان بن داود، وقد جاء سليمان فأخذ خاتمه، وهو ذاك جالس على سريره في ملكه فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته، فخرج فجعل يقف على الدار من دور بني إسرائيل، فيقول:

أنا سليمان بن داود، فيحثون عليه التراب ويسبونه، ويقولون: انظروا إلى هذا المجنون، أي شيء يقول! يزعم أنه سليمان بن داود، فلما رأى سليمان ذلك عمد إلى البحر، فكان ينقل الحيتان لأصحاب البحر إلى السوق، فيعطونه كل يوم سمكتين، فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة وشوى الأخرى، فأكلها، فمكث بذلك أربعين صباحا، عدة ما عبد ذلك الوثن في داره،

<<  <  ج: ص:  >  >>