للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذركم، ولا ألومكم على ما كان منكم، كان هذا الأمر لا بد منه.

قَالَ: فجاء حتى أتى ملكه، فأرسل إلى الشيطان فجيء به، وسخرت له الريح والشياطين يومئذ، ولم تكن سخرت له قبل ذلك، وهو قوله:

«وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ» .

وبعث إلى الشيطان فأتى به، فأمر به فجعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه، وأقفل عليه بقفل، وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر، فهو فيه حتى تقوم الساعة، وكان اسمه حبقيق.

قال ابو جعفر: ثم لبث سليمان بن داود في ملكه بعد أن رده الله إليه، تعمل له الجن مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، وغير ذلك من أعماله، ويعذب من الشياطين من شاء، ويطلق من أحب منهم إطلاقه، حتى إذا دنا أجله، وأراد الله قبضه إليه، كان من أمره- فيما بلغني- ما حَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ:

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، [عن النبي ص قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا صَلَّى رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ لَهَا: ما اسمك؟ فيقول: كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ:

لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَإِنْ كانت لغرس غرست، ان كَانَتْ لِدَوَاءٍ كُتِبَتْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ رَأَى شَجَرَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ؟ قَالَتِ:

الْخَرُّوبُ، قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا الْبَيْتِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَى الْجِنِّ مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ، فَنَحَتَهَا عَصًا، فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا حَوْلًا مَيِّتًا، وَالْجِنُّ تعمل، فأكلتها الأرضة فسقط، ف تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ] .

قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا حَوْلًا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ قَالَ: فَشَكَرَتِ الْجِنُّ الْأَرَضَةَ، فَكَانَتْ تأتيها بالماء

<<  <  ج: ص:  >  >>