للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده واكتب إلى أمير المؤمنين بما يأتيك عن قضاة أهل عملك في مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك، ثم أشرف عليهم وتفقد آثارهم حتى لا تنفذ أحكام الله إلا بشهادة أهل البصائر في الدين والإخلاص للتوحيد، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون في ذلك، إن شاء الله.

وكتب في شهر ربيع الاول سنه ثمان عشرة ومائتين.

وكتب المأمون إلى إسحاق بْن إبراهيم في إشخاص سبعة نفر، منهم محمد ابن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم مستملي يزيد بْن هارون، ويحيى بْن معين، وزهير بْن حرب ابو خيثمة، وإسماعيل بْن داود، وإسماعيل بْن أبي مسعود، واحمد بن الدورقي، فأشخصوا إليه، فامتحنهم وسألهم عن خلق القرآن، فأجابوا جميعا أن القرآن مخلوق، فأشخصهم إلى مدينة السلام وأحضرهم إسحاق بْن إبراهيم داره، فشهر أمرهم وقولهم بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث، فأقروا بمثل ما أجابوا به المأمون، فخلى سبيلهم وكان ما فعل من ذلك إسحاق بْن إبراهيم بأمر المأمون.

وكتب المأمون بعد ذلك إلى إسحاق بْن إبراهيم:

أما بعد، فإن من حق الله على خلفائه في أرضه، وأمنائه على عباده، الذين ارتضاهم لإقامة دينه، وحملهم رعاية خلقه وإمضاء حكمه وسننه والائتمام بعدله في بريته، أن يجهدوا لله أنفسهم، وينصحوا له فيما استحفظهم وقلدهم، ويدلوا عليه- تبارك اسمه وتعالى- بفضل العلم الذي أودعهم، والمعرفة التي جعلها فيهم، ويهدوا إليه من زاغ عنه، ويردوا من أدبر عن أمره، وينهجوا لرعاياهم سمت نجاتهم، ويقفوهم على حدود إيمانهم وسبيل فوزهم وعصمتهم ويكشفوا لهم مغطيات أمورهم ومشتبهاتها عليهم، بما يدفعون الريب عنهم، ويعود بالضياء والبينة على كافتهم، وأن يؤثروا ذلك من إرشادهم وتبصيرهم، إذ كان جامعا لفنون مصانعهم، ومنتظما لحظوظ عاجلتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>