للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير المؤمنين لك، أو أمسك عن ذكره في كتابه هذا، ولم يقل إن القرآن مخلوق، بعد بشر بْن الوليد وإبراهيم بْن المهدي فاحملهم أجمعين موثقين إلى عسكر أمير المؤمنين، مع من يقوم بحفظهم وحراستهم في طريقهم، حتى يؤديهم إلى عسكر أمير المؤمنين، ويسلمهم إلى من يؤمن بتسليمهم إليه، لينصهم أمير المؤمنين، فإن لم يرجعوا ويتوبوا حملهم جميعا على السيف، إن شاء اللَّه، ولا قوة إلا بالله.

وقد أنفذ أمير المؤمنين كتابه هذا في خريطة بندارية، ولم ينظر به اجتماع الكتب الخرائطية، معجلا به، تقربا إلى الله عز وجل بما أصدر من الحكم ورجاء ما اعتمد، وإدراك ما أمل من جزيل ثواب الله عليه، فأنفذ لما أتاك من أمر المؤمنين، وعجل إجابة أمير المؤمنين بما يكون منك في خريطة بندارية مفردة عن سائر الخرائط، لتعرف أمير المؤمنين ما يعملونه إن شاء الله.

وكتب سنة ثمان عشرة ومائتين.

فأجاب القوم كلهم حين أعاد القول عليهم إلى أن القرآن مخلوق، إلا أربعة نفر، منهم أحمد بْن حنبل وسجادة والقواريري ومحمد بْن نوح المضروب.

فأمر بهم إسحاق بْن إبراهيم فشدوا في الحديد، فلما كان من الغد دعا بهم جميعا يساقون في الحديد، فأعاد عليهم المحنة، فأجابه سجادة إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده وخلى سبيله، وأصر الآخرون على قولهم، فلما كان من بعد الغد عاودهم أيضا، فأعاد عليهم القول، فأجاب القواريري إلى أن القرآن مخلوق، فأمر بإطلاق قيده، وخلى سبيله، وأصر أحمد بْن حنبل ومحمد بْن نوح على قولهما، ولم يرجعا، فشدا جميعا في الحديد، ووجها إلى طرسوس، وكتب معهما كتابا بإشخاصهما، وكتب كتابا مفردا بتأويل القوم فيما أجابوا إليه فمكثوا أياما، ثم دعا بهم فإذا كتاب قد ورد من المأمون على إسحاق بْن إبراهيم، أن قد فهم أمير المؤمنين ما أجاب القوم إليه، وذكر سليمان بْن يعقوب صاحب الخبر أن بشر بْن الوليد تأول الآية التي أنزلها الله تعالى في عمار بْن ياسر: «إِلا مَنْ أُكْرِهَ وقلبه مطمئن بالايمان»

<<  <  ج: ص:  >  >>