كما قفيته، فقلت: والله يا أمير المؤمنين، ما سمعها مني أحد قط، قَالَ: هكذا ينبغي أن يكون، ثم أقبل علي، فقال لي: أما بلغك أن عمر بْن أبي ربيعة أنشد عبد الله بْن العباس قصيدته التي يقول فيها.
تشط غدا دار جيراننا.
فقال ابن العباس
وللدار بعد غد أبعد.
حتى أنشده القصيدة، يقفيها ابن عباس! ثم قَالَ: أنا ابن ذاك.
وذكر عن أبي مروان كازر بْن هارون، أنه قَالَ: قَالَ المأمون:
بعثتك مرتادا ففزت بنظرة ... وأغفلتني حتى أسأت بك الظنا
فناجيت من أهوى وكنت مباعدا ... فيا ليت شعري عن دنوك ما اغنى!
أرى أثرا منه بعينيك بينا ... لقد أخذت عيناك من عينه حسنا
قَالَ أبو مروان: وإنما عول المأمون في قوله في هذا المعنى على قول العباس ابن الأحنف، فإنه اخترع:
إن تشق عيني بها فقد سعدت ... عين رسولي، وفزت بالخبر
وكلما جاءني الرسول لها ... رددت عمدا في طرفه نظري
تظهر في وجهه محاسنها ... قد أثرت فيه أحسن الأثر
خذ مقلتي يا رسول عارية ... فانظر بها واحتكم على بصري
قَالَ أبو العتاهية: وجه إلي المأمون يوما، فصرت إليه، فألفيته مطرقا مفكرا، فأحجمت عن الدنو منه في تلك الحال، فرفع رأسه، فنظر إلي وأشار بيده، أن ادن، فدنوت ثم أطرق مليا، ورفع رأسه، فقال: يا أبا إسحاق، شأن النفس الملل وحب الاستطراف، تأنس بالوحدة كما تأنس بالألفة، قلت: أجل يا أمير المؤمنين، ولي في هذا بيت، قَالَ: وما هو؟ قلت: