للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الأفشين يعلمه ذلك، فأرسل الأفشين رجلا يعرف بابك، فنظر إليه، ثم عاد إلى الأفشين، فقال: نعم هو بابك، فركب إليه الأفشين، فدنا منه حتى صار في موضع يسمع كلامه وكلام أصحابه، والحرب مشتبكة في ناحية آذين، فقال له: أريد الأمان من أمير المؤمنين، فقال له الأفشين: قد عرضت عليك هذا، وهو لك مبذول متى شئت، فقال: قد شئت الآن، على أن تؤجلني أجلا أحمل فيه عيالي، وأتجهز فقال له الأفشين: قد والله نصحتك غير مرة فلم تقبل نصيحتي، وأنا أنصحك الساعة، خروجك اليوم في الأمان خير من غد قال: قد قبلت أيها الأمير، وأنا على ذلك، فقال له الأفشين: فابعث بالرهائن الذين كنت سألتك قال: نعم، أما فلان وفلان فهم على ذلك التل، فمر أصحابك بالتوقف.

قال: فجاء رسول الأفشين ليرد الناس، فقيل له: إن أعلام الفراغنة قد دخلت البذ وصعدوا بها القصور فركب وصاح بالناس، فدخل ودخلوا، وصعد الناس بالأعلام فوق قصور بابك، وكان قد كمن في قصوره- وهي اربعه- ستمائه رجل، فوافاهم الناس، فصعدوا بالأعلام فوق القصور، وامتلأت شوارع البذ وميدانها من الناس، وفتح أولئك الكمناء أبواب القصور، وخرجوا رجالة يقاتلون الناس ومر بابك حتى دخل الوادي الذي يلى هشتاد سر، واشتغل الأفشين وجميع قواده بالحرب على أبواب القصور، فقاتل الخرمية قتالا شديدا، وأحضر النفاطين، فجعلوا يصبون عليهم النفط والنار، والناس يهدمون القصور، حتى قتلوا عن آخرهم وأخذ الأفشين أولاد بابك ومن كان معهم في البذ من عيالاتهم، حتى أدركهم المساء، فأمر الأفشين بالانصراف فانصرفوا، وكان عامة الخرمية في البيوت، فرجع الأفشين إلى الخندق بروذ الروذ.

فذكر أن بابك وأصحابه الذين نزلوا معه الوادي حين علموا أن الأفشين قد رجع إلى خندقه، رجعوا إلى البذ، فحملوا من الزاد ما أمكنهم حمله، وحملوا أموالهم، ثم دخلوا الوادى الذى يلى هشتاد سر فلما كان في الغد خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>