عسكرنا، واختلطوا بنا واختلطنا بهم، فلم ندر في أي كردوس الملك! فلم نزل كذلك إلى وقت العصر، ثم رجعنا إلى موضع عسكر الملك الذي كنا فيه فلم نصادفه، فرجعنا إلى موضع معسكر الملك الذي خلفه على اللمس، فوجدنا العسكر قد انتقض، وانصرف الناس عن الرجل قرابة الملك الذي كان الملك استخلفه على العسكر، فأقمنا على ذلك ليلتنا، فلما كان الغد، وافانا الملك في جماعة يسيرة، فوجد عسكره قد اختل، وأخذ الذي استخلفه على العسكر، فضرب عنقه، وكتب إلى المدن والحصون ألا يأخذوا رجلا ممن انصرف من عسكر الملك إلا ضربوه بالسياط، او يرجع إلى موضع سماه لهم الملك انحاز إليه ليجتمع إليه الناس، ويعسكر به، ليناهض ملك العرب، ووجه خادما له خصيا إلى أنقرة على أن يقيم بها، ويحفظ أهلها إن نزل بها ملك العرب.
قال الأسير: فجاء الخصي إلى أنقرة، وجئنا معه، فإذا أنقرة قد عطلها أهلها، وهربوا منها، فكتب الخصي إلى ملك الروم يعلمه ذلك، فكتب إليه الملك يأمره بالمسير إلى عمورية.
قال: وسألت عن الموضع الذي قصد إليه أهلها- يعني أهل أنقرة- فقالوا لي: إنهم بالملاحة فلحقنا بهم.
قال مالك بن كيدر: فدعوا الناس كلهم، خذوا ما أخذتم، ودعوا الباقي، فترك الناس السبي والمقاتلة وانصرفوا راجعين يريدون عسكر أشناس، وساقوا في طريقهم غنما كثيرا وبقرا، وأطلق ذلك الشيخ الأسير مالك، وسار إلى عسكر أشناس بالأسرى، حتى لحق بأنقرة، فمكث أشناس يوما واحدا، ثم لحقه المعتصم من غد، فأخبره بالذي أخبره به الأسير، فسر المعتصم بذلك.
فلما كان اليوم الثالث جاءت البشرى من ناحية الأفشين يخبرون بالسلامة، وأنه وارد على أمير المؤمنين بأنقرة.
قال: ثم ورد على المعتصم الأفشين بعد ذلك اليوم بيوم بأنقرة، فأقاموا بها