للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفرس فحمله عليه، وقابل حتى صار الناس معهم على حرف الثلمة، وعبد الوهاب ابن علي بين يدي المعتصم، فأومأ إلى الناس بيده: أن ادخلوا، فدخل الناس المدينة، فالتفت وندوا، وضرب بيده إلى لحيته، فقال له المعتصم: مالك؟

قال: جئت أريد أن أسمع كلامك وتسمع كلامي، فغدرت بي، فقال المعتصم: كل شيء تريد أن تقوله فهو لك علي، قل ما شئت، فإني لست أخالفك قال: أيش لا تخالفني وقد دخلوا المدينة! فقال المعتصم:

اضرب بيدك إلى ما شئت فهو لك، وقل ما شئت فإني أعطيكه فوقف في مضرب المعتصم وكان ياطس في برجه الذي هو فيه وحوله جماعة من الروم مجتمعين، وصارت طائفة منهم إلى كنيسة كبيرة في زاوية عمورية، فقاتلوا قتالا شديدا، فأحرق الناس الكنيسة عليهم فاحترقوا عن آخرهم، وبقي ياطس في برجه حوله أصحابه، وباقي الروم وقد أخذتهم السيوف، فبين مقتول ومجروح، فركب المعتصم عند ذلك حتى جاء فوقف حذاء ياطس، وكان مما يلي عسكر أشناس، فصاحوا: يا ياطس، هذا أمير المؤمنين، فصاح الروم من فوق البرج: ليس ياطس هاهنا، قالوا: بلى، قولوا له: إن أمير المؤمنين واقف، فقالوا: ليس ياطس هاهنا فمر أمير المؤمنين مغضبا، فلما جاوز صاح الروم: هذا ياطس، هذا ياطس! فرجع المعتصم إلى حيال البرج حتى وقف، ثم أمر بتلك السلاليم التي هيئت، فحمل سلم منها، فوضع على البرج الذي هو فيه، وصعد عليه الحسن الرومي- غلام لأبي سعيد محمد بن يوسف- وكلمه ياطس، فقال: هذا أمير المؤمنين، فانزل على حكمه، فنزل الحسن، فأخبر المعتصم أنه قد رآه وكلمه، فقال المعتصم:

قل له فلينزل، فصعد الحسن ثانية، فخرج ياطس من البرج متقلدا سيفا حتى وقف على البرج والمعتصم ينظر إليه، فخلع سيفه من عنقه، فدفعه إلى الحسن، ثم نزل ياطس، فوقف بين يدي المعتصم، فقنعه سوطا، وانصرف المعتصم إلى مضربه، وقال: هاتوه، فمشى قليلا، ثم جاءه رسول المعتصم، أن احملوه، فحملوه، فذهب به إلى مضرب أمير المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>