المعتصم منه وأغضبه عليه، وحمل ذلك المازيار إلى أن وثب وخالف، ومنع الخراج، وضبط جبال طبرستان وأطرافه.
وكان ذلك مما يسر الأفشين ويطمعه في الولاية، فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر يأمره بمحاربة مازيار، وكتب الأفشين إلى المازيار يأمره بمحاربة عبد الله بن طاهر، ويعلمه أنه يقوم له عند المعتصم بما يحب، وكاتبه المازيار أيضا، فلا يشك الأفشين أن المازيار سيواقف عبد الله بن طاهر ويقاومه، حتى يحتاج المعتصم إلى أن يوجهه وغيره إليه.
فذكر عن محمد بن حفص الثقفي الطبري أن المازيار لما عزم على الخلاف، دعا الناس إلى البيعة، فبايعوه كرها، وأخذ منهم الرهائن، فحبسهم في برج الأصبهبذ، وأمر أكرة الضياع بالوثوب بأرباب الضياع وانتهاب أموالهم، وكان المازيار يكاتب بابك، ويحرضه ويعرض عليه النصرة فلما فرغ المعتصم من أمر بابك، أشاع الناس أن أمير المؤمنين يريد المسير إلى قرماسين، ويوجه الأفشين إلى الري لمحاربة مازيار، فلما سمع المازيار بإرجاف الناس بذلك، أمر أن يمسح البلد، خلا من قاطع على ضياعه بزيادة العشرة ثلاثة، ومن لم يقاطع رجع عليه، فحسب ما عليه من الفضل ولم يحسب له النقصان.
ثم أنشأ كتابا إلى عامله على الخراج، وكان عامله عليه رجلا يقال له شاذان بن الفضل، نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم، إن الأخبار تواترت علينا، وصحت عندنا بما يرجف به جهال أهل خراسان وطبرستان فينا، ويولدون علينا من الاخبار ويحملون عليه رءوسهم، من التعصب لدولتنا والطعن في تدبيرنا، والمراسلة لأعدائنا وتوقع الفتن، وانتظار الدوائر فينا، جاحدين للنعم مستقلين للأمن والدعة والرفاهية والسعة التي آثرهم الله بها، فما يرد الري قائد ولا مشرق ولا مغرب، ولا يأتينا رسول صغير ولا كبير إلا قالوا كيت وكيت، ومدوا أعناقهم نحوه،