إليهم أن ائتوني، فاحتملت بنو ضبة من نمير، فركبت جبالها مياسر جبال السود- وهو جبل خلف اليمامة أكثر أهله باهلة- فأرسل إليهم فأبوا أن يأتوه، فأرسل إليهم سرية فلم تدركهم، فوجه سرايا، فأصابت فيهم وأسرت منهم.
ثم إنه أتبعهم بجماعة من معه وهم نحو من ألف رجل سوى من تخلف في العسكر من الضعفاء والأتباع، فلقيهم وقد جمعوا له، وحشدوا لحربه، وهم يومئذ نحو من ثلاثة آلاف، بموضع يقال له روضة الأبان وبطن السر من القرنين على مرحلتين، ومن أضاخ على مرحلة، فهزموا مقدمته، وكشفوا ميسرته، وقتلوا من أصحابه نحوا من مائة وعشرين أو مائة وثلاثين رجلا، وعقروا من ابل عسكره نحوا من سبعمائة بعير ومائة دابة، وانتهبوا الأثقال وبعض ما كان مع بغا من الأموال.
قال لي أحمد: لقيهم بغا وهجم عليهم، وغلبه الليل، فجعل بغا يناشدهم، ويدعوهم إلى الرجوع وإلى طاعه امير المؤمنين، ويكلمهم بذلك محمد ابن يوسف الجعفري، فجعلوا يقولون له: يا محمد بن يوسف، قد والله ولدناك فما رعيت حرمه الرحيم، ثم جئتنا بهؤلاء العبيد والعلوج تقاتلنا بهم! والله لنرينك العبر، ونحو ذلك من القول فلما دنا الصبح قال محمد بن يوسف لبغا: أوقع بهم من قبل أن يضيء الصبح، فيروا قلة عددنا، فيجترئوا علينا، فأبى بغا عليه، فلما أضاء الصبح ونظروا إلى عدد من مع بغا- وكانوا قد جعلوا رجالتهم أمامهم وفرسانهم وراءهم ونعمهم ومواشيهم من ورائهم- حملوا علينا، فهزمونا حتى بلغت هزيمتنا معسكرنا، وأيقنا بالهلكة.
قال: وكان قد بلغ بغا أن خيلا لهم بمكان من بلادهم، فوجه من أصحابه نحوا من مائتي فارس إليها قال: فبينا نحن فيما نحن فيه من الإشراف على العطب، وقد هزم بغا ومن معه إذ خرجت الجماعة التي كان بغا وجهها من الليل إلى تلك الخيل، وقد أقبلت منصرفة من الموضع الذي وجهت