للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما غمط فيه اهل الأديان من رديء المطعم والمشرب والمنكح لينزههم عنه وليظهر به دينهم، ليفضلهم عليهم تفضيلا: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ» إلى آخر الآية، ثم ختم ما حرم عليهم من ذلك في هذه الآية بحراسة دينه، ممن عند عنه وبإتمام نعمته على أهله الذين اصطفاهم، فقال عز وجل: «الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» الآية، وقال عز وجل: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ» وقال:

«إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ» الآية، فحرم على المسلمين من مآكل أهل الأديان أرجسها وأنجسها، ومن شرابهم أدعاه إلى العداوة والبغضاء، وأصده عن ذكر الله وعن الصلاة، ومن مناكحهم أعظمها عنده وزرا، وأولاها عند ذوي الحجى والألباب تحريما، ثم حباهم محاسن الأخلاق وفضائل الكرامات، فجعلهم أهل الإيمان والأمانة، والفضل والتراحم واليقين والصدق، ولم يجعل في دينهم التقاطع والتدابر، ولا الحمية ولا التكبر، ولا الخيانة ولا الغدر، ولا التباغي ولا التظالم، بل أمر بالأولى ونهى عن الأخرى، ووعد وأوعد عليها جنته وناره، وثوابه وعقابه، فالمسلمون بما اختصهم الله من كرامته، وجعل لهم من الفضيلة بدينهم الذي اختاره لهم، بائنون على الأديان بشرائعهم الزاكية، وأحكامهم المرضية الطاهرة، وبراهينهم المنيرة، وبتطهير الله دينهم بما أحل وحرم فيه لهم وعليهم، قضاء من الله عز وجل في إعزاز دينه، حتما ومشيئة منه في إظهار حقه ماضية، واراده منه في اتمام نعمته على أهله نافذة «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» ، وليجعل الله الفوز والعاقبة للمتقين، والخزي في الدنيا والآخرة على الكافرين.

وقد رأى أمير المؤمنين- وبالله توفيقه وإرشاده- أن يحمل أهل الذمة جميعا

<<  <  ج: ص:  >  >>