بدمياط، وبينها وبين الشط شبيه بالبحيرة يكون فيها الماء إلى صدر الرجل، فمن جازها إلى الأرض أمن من مراكب البحر، فجازها قوم فسلموا، وغرق قوم كثير من نساء وصبيان، واحتمل من كانت له قوة في السفن، فنجوا إلى ناحية الفسطاط، وبينها وبين الفسطاط مسيرة أربعة أيام وكان والي معونة مصر عنبسة بن إسحاق الضبي، فلما قرب العيد، أمر الجند الذين بدمياط أن يحضروا الفسطاط لتحمل لهم في العيد، وأخلى دمياط من الجند، فانتهى مراكب الروم من ناحية شطا التي يعمل فيها الشطوي، فأناخ بها مائة مركب من الشلنديه، تحمل كل مركب ما بين الخمسين رجلا إلى المائه، فخرجوا اليه وأحرقوا ما وصلوا إليه من دورها وأخصاصها، واحتملوا سلاحا كان فيها أرادوا حمله إلى أبي حفص صاحب إقريطش نحوا من ألف قناة وآلتها، وقتلوا من أمكنهم قتله من الرجال، وأخذوا من الأمتعة والقند والكتان ما كان عبئ ليحمل إلى العراق، وسبوا من المسلمات والقبطيات نحوا من ستمائه امرأة، ويقال إن المسلمات منهن مائة وخمس وعشرون امرأة والباقي من نساء القبط.
ويقال إن الروم الذين كانوا في الشلنديات التي أناخت بدمياط كانوا نحوا من خمسة آلاف رجل، فأوقروا سفنهم من المتاع والأموال والنساء، وأحرقوا خزانة القلوع وهي شرع السفن، وأحرقوا مسجد الجامع بدمياط، وأحرقوا كنائس، وكان من حزر منهم ممن غرق في بحيرة دمياط من النساء والصبيان أكثر ممن سباه الروم ثم رحل الروم عنها.
وذكر أن ابن الأكشف كان محبوسا في سجن دمياط، حبسه عنبسة، فكسر قيده وخرج، فقاتلهم، وأعانه قوم، فقتل من الروم جماعة، ثم صاروا إلى أشتوم تنيس، فلم يحمل الماء سفنهم إليها، فخشوا أن توحل، فلما لم يحملهم الماء صاروا إلى أشتومها- وهي مرسى بينه وبين تنيس أربعة فراسخ وأقل، وله سور وباب حديد كان المعتصم أمر بعمله- فخربوا عامته، وأحرقوا ما فيه من