المهدي ببغداد فيها، وزلزلت المدائن وبعث ملك الروم فيها بأسرى من المسلمين، وبعث يسأل المفاداة بمن عنده، وكان الذي قدم من قبل صاحب الروم رسولا إلى المتوكل شيخا يدعى اطروبيليس معه سبعة وسبعون رجلا من أسرى المسلمين، اهداهم ميخائيل ابن توفيل ملك الروم إلى المتوكل، وكان قدومه عليه لخمس بقين من صفر من هذه السنة، فأنزل على شنيف الخادم ثم وجه المتوكل نصر بن الأزهر الشيعي مع رسول صاحب الروم، فشخص في هذه السنة، ولم يقع الفداء إلا في سنة ست وأربعين.
وذكر أنه كانت في هذه السنة بأنطاكية زلزلة ورجفة في شوال، قتلت خلقا كثيرا، وسقط منها الف وخمسمائة دار، وسقط من سورها نيف وتسعون برجا، وسمعوا أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها من كوي المنازل، وهرب أهلها إلى الصحارى، وتقطع جبلها الأقرع، وسقط في البحر، فهاج البحر في ذلك اليوم، وارتفع منه دخان أسود مظلم منتن، وغار منها نهر على فرسخ لا يدرى أين ذهب وسمع فيها- فيما قيل- أهل تنيس في مصر ضجة دائمة هائلة، فمات منها خلق كثير وفيها زلزلت بالس والرقة وحران ورأس عين وحمص ودمشق والرها وطرسوس والمصيصة واذنه وسواحل الشام ورجفت اللاذقية، فما بقي منها منزل، ولا أفلت من أهلها إلا اليسير، وذهبت جبلة بأهلها وفيها غارت مشاش- عين مكة- حتى بلغ ثمن القربة بمكة ثمانين درهما، فبعثت أم المتوكل فانفقت عليها.
وفيها مات إسحاق بن أبي إسرائيل وسوار بن عبد الله وهلال الرازى.