بيعتكم التي أعطيتم بها ألسنتكم وعهودكم بيعة يطلع الله من قلوبكم على اجتبائها واعتقادها، وعلى الوفاء بذمته بها، وعلى إخلاصكم في نصرتها وموالاة أهلها، لا يشوب ذلك منكم دغل ولا إدهان ولا احتيال ولا تأول، حتى تلقوا الله، موفين بعهده، ومؤدين حقه عليكم، غير مستشرفين ولا ناكثين، إذ كان الذين يبايعون منكم أمير المؤمنين إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
عليكم بذلك وبما أكدت هذه البيعة في أعناقكم، وأعطيتم بها من صفقة أيمانكم، وبما اشترط عليكم بها من وفاء ونصر، وموالاة واجتهاد ونصح، وعليكم عهد الله، إن عهده كان مسئولا، وذمة الله وذمة رسوله وأشد ما أخذ على أنبيائه ورسله، وعلى أحد من عباده من متأكد وثائقه، أن تسمعوا ما أخذ عليكم في هذه البيعة ولا تبدلوا، وأن تطيعوا ولا تعصوا، وأن تخلصوا ولا ترتابوا، وأن تتمسكوا بما عاهدتم عليه تمسك أهل الطاعة بطاعتهم وذوي العهد والوفاء بوفائهم وحقهم، لا يلفتكم عن ذلك هوى ولا مميل، ولا يزيغ بكم فيه ضلال عن هدى، باذلين في ذلك أنفسكم واجتهادكم، ومقدمين فيه حق الدين والطاعة بما جعلتم على أنفسكم، لا يقبل الله منكم في هذه البيعة إلا الوفاء بها.
فمن نكث منكم ممن بايع أمير المؤمنين هذه البيعة عما أكد عليه مسرا أو معلنا، أو مصرحا أو محتالا، فأدهن فيما أعطى الله من نفسه، وفيما أخذت به مواثيق أمير المؤمنين، وعهود الله عليه، مستعملا في ذلك الهوينى دون الجد، والركون إلى الباطل دون نصرة الحق، وزاغ عن السبيل التي يعتصم بها أولو الوفاء منهم بعهودهم، فكل ما يملك كل واحد ممن خان في ذلك بشيء نقض عهده من مال أو عقار أو سائمة، أو زرع أو ضرع صدقة على المساكين في وجوه سبيل الله، محرم عليه أن يرجع شيء من ذلك إلى ماله عن حيلة يقدمها لنفسه أو يحتال بها وما أفاد في بقية عمره من فائدة مال يقل خطرها أو يجل قدرها، فتلك سبيله إلى أن توافيه منيته، ويأتي عليه أجله، وكل مملوك يملكه اليوم إلى ثلاثين سنة من ذكر أو أنثى أحرار لوجه الله، ونساؤه