للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

» وليس من شيء يتقرب به المؤمنون إلى الله عز وجل من أعمالهم، ويسعون به في حط أوزارهم، وفكاك رقابهم، ويستوجبون به الثواب من ربهم، إلا والجهاد عنده أعظم منه منزلة، وأعلى لديه رتبة، وأولى بالفوز في العاجلة والآجلة، لان اهله بذلوا الله أنفسهم، لتكون كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا، وسمحوا بها دون من وراءهم من إخوانهم وحريم المسلمين وبيضتهم، ووقموا بجهادهم العدو.

وقد رأى أمير المؤمنين- لما يحبه من التقرب إلى الله بجهاد عدوه، وقضاء حقه عليه فيما استحفظه من دينه، والتماس الزلفى له في إعزاز أوليائه، وإحلال البأس والنقمة بمن حاد عن دينه، وكذب رسله، وفارق طاعته- أن ينهض وصيفا مولى أمير المؤمنين في هذا العام إلى بلاد أعداء الله الكفرة والروم، غازيا لما عرف الله أمير المؤمنين من طاعته ومناصحته ومحمود نقيبته وخلوص نيته، في كل ما قربه من الله ومن خليفته.

وقد رأى أمير المؤمنين- والله ولي معونته وتوفيقه- أن تكون موافاة وصيف فيمن أنهض أمير المؤمنين معه من مواليه وجنده وشاكريته ثغر ملطية لاثنتي عشرة ليلة تخلو من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وذلك من شهور العجم للنصف من حزيران ودخوله بلاد أعداء الله في أول يوم من تموز، فاعلم ذلك واكتب إلى عمالك على نواحي عملك بنسخة كتاب أمير المؤمنين هذا، ومرهم بقراءته على من قبلهم من المسلمين وترغيبهم في الجهاد، وحثهم عليه واستنفارهم إليه، وتعريفهم ما جعل الله من الثواب لأهله، ليعمل ذوو النيات والحسبة والرغبة في الجهاد على حسب ذلك في النهوض إلى عدوهم والخفوف إلى معاونة إخوانهم والذياد عن دينهم والرمي من وراء حوزتهم بموافاة عسكر وصيف مولى أمير المؤمنين ملطية في الوقت الذي حده أمير المؤمنين لهم إن شاء الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وكتب أحمد بن الخصيب لسبع ليال خلون من المحرم سنة ثمان وأربعين

<<  <  ج: ص:  >  >>