أبي العباس محمد بن عبد الله، ومعهم قوم من فرسان طبرية وأخلاط من الناس ومعهم من الغوغاء والسوقة نحو من ألف رجل، فشهروا السلاح، وصاحوا:
يا معتز يا منصور، وشدوا على صفي الأشروسنية اللذين صفهما واجن، فتضعضعوا، وانضم بعضهم إلى بعض، ونفر من على باب العامة من المبيضة مع الشاكرية، فكثروا، فشد عليهم المغاربة والأشروسنية، فهزموهم حتى أدخلوهم الدرب الكبير المعروف بزرافة وعزون وحمل قوم منهم على المعتزية، فكشفوهم، حتى جاوزوا بهم دار أخي عزون بن إسماعيل وهم في مضيق الطريق، فوقف المعتزية هنالك، ورمى الأشروسنية عدة منهم بالنشاب، وضربوهم بالسيوف، ونشبت الحرب بينهم، وأقبلت المعتزية والغوغاء يكبرون، فوقعت بينهم قتلى كثيرة، إلى أن مضى من النهار ثلاث ساعات ثم انصرف الأتراك وقد بايعوا أحمد بن محمد بن المعتصم، وانصرفوا مما يلي العمري والبساتين، وأخذ الموالي قبل انصرافهم البيعة على من حضر الدار من الهاشميين وغيرهم وأصحاب المراتب وخرج المستعين من باب العامة منصرفا إلى الهاروني، فبات هنالك ومضى الأشروسنية إلى الهاروني، وقد قتل من الفريقين عدد كثير، ودخل قوم من الأشروسنية دورا، فظفرت بهم الغوغاء، فأخذوا دروعهم وسلاحهم وجواشنهم ودوابهم، ودخل الغوغاء والمنتهبة دار العامة منصرفين إلى الهاروني، فانتهبوا الخزانه التي فيها السلاح والدروع والجواشن واللجم المغربية وأكثروا منها، وربما مر أحدهم بالجواشن والحراب فأكثر، وانتهبوا في دار أرمش ابن أبي أيوب بحضرة أصحاب الفقاع تراس خيزران وقنا بلا أسنة، فكثرت الرماح والتراس في أيدي الغوغاء وأصحاب الحمامات وغلمان الباقلي، ثم جاءتهم جماعة من الأتراك منهم بغا الصغير من درب زرافه، فاحلوهم من الخزانة، وقتلوا منهم عدة، وأمسكوا قليلا ثم انصرف الفريقان، وقد كثرت القتلى بينهم، وأقبل الغوغاء لا يمر أحد من الأتراك من أسافل سامرا يريد باب العامة إلا انتهبوا سلاحه، وقتلوا جماعة منهم عند دار مبارك المغربي، وعند دار حبش