للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما راى ذلك زرح ولى مدبرا فارا هو ومن معه، وهو يقول: إن أسا ظهر علانية، وأهلكني صديقه سرا، وإني كنت أنظر إلى أسا ومن معه واقفين لا يقاتلون والحرب واقعة في قومى فلما راى اسا ان زرحا قد ولى مدبرا قال: اللهم ان زرحا قد ولى مدبرا، وانك ان لم تحل بيني وبينه استنفر علينا قومه ثانية فأوحى الله إلى أسا: إنك لم تقتل من قتل منهم ولكني قتلتهم، فقف مكانك، فإني لو خليت بينك وبينهم أهلكوكم جميعا، إنما يتقلب زرح في قبضتي، ولن ينصره أحد مني، وأنا لزرح بالمكان الذي لا يستطيع صدودا عنه ولا تحويلا، وإني قد وهبت لك ولقومك عساكره وما فيها من فضة ومتاع ودابة، فهذا اجرك إذ اعتصمت بي، ولا ألتمس منك أجرا على نصرتك! فسار زرح حتى أتى البحر يريد بذلك الهرب، ومعه مائة ألف، فهيئوا سفنهم ثم ركبوا فيها، فلما ساروا في البحر بعث الله الرياح من أطراف الأرضين والبحار إلى ذلك البحر واضطربت من كل ناحية أمواجه، وضربت السفن بعضها بعضا حتى تكسرت، فغرق زرح ومن كان معه، واضطربت بهم الأمواج حتى فزع لذلك أهل القرى حولهم، ورجفت الأرض، فبعث أسا من يعلمه علم ذلك، فأوحى الله إليه- والله أعلم- أن اهبط أنت وقومك أهل قراكم، فخذوا ما غنمكم الله بقوة، وكونوا فيه من الشاكرين، فإني قد سوغت كل من أخذ من هذه العساكر شيئا ما أخذه فهبطوا يحمدون الله ويقدسونه، فنقلوا تلك العساكر إلى قراهم ثلاثة أشهر والله أعلم.

ثم ملك بعده يهوشافاظ بن أسا إلى أن هلك خمسا وعشرين سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>