- وهي قرية بينها وبين قسين خمسة فراسخ، ولو شاء الحسين أن يلحقه لحقه- ثم مضى يحيى بن عمر في شرقي السيب والحسين في غربيه، حتى صار الى احمداباذ فعبر إلى ناحية سورا، وجعل الجند لا يلحقون ضعيفا عجز عن اللحاق بيحيى إلا اخذوه، واوقعوه بمن صار إلى يحيى بن عمر من أهل تلك القرى.
وكان أحمد بن الفرج المعروف بابن الفزاري يتولى معونة السيب لمحمد ابن عبد الله، فحمل ما اجتمع عنده من حاصل السيب قبل دخول يحيى بن عمر احمداباذ، فلم يظفر به.
ومضى يحيى بن عمر نحو الكوفة، فلقيه عبد الرحمن بن الخطاب وجه الفلس، فقاتله بقرب جسر الكوفة قتالا شديدا، فانهزم عبد الرحمن بن الخطاب، وانحاز إلى ناحية شاهي، ووافاه الحسين بن إسماعيل، فعسكر بها، ودخل يحيى بن عمر الكوفة، واجتمعت إليه الزيدية، ودعا إلى الرضا من آل محمد وكثف أمره، واجتمعت إليه جماعة من الناس وأحبوه، وتولاه العامة من أهل بغداد- ولا يعلم أنهم تولوا من أهل بيته غيره- وبايعه بالكوفة جماعة لهم بصائر وتدبير في تشيعهم، ودخل فيهم أخلاط لا ديانة لهم.
وأقام الحسين بن إسماعيل بشاهي، واستراح وأراح أصحابه دوابهم، ورجعت إليهم أنفسهم، وشربوا العذب من ماء الفرات، واتصلت بهم الأمداد والميرة والأموال وأقام يحيى بن عمر بالكوفة يعد العدد، ويطبع السيوف، ويعرض الرجال، ويجمع السلاح.
وإن جماعة من الزيدية ممن لا علم له بالحرب، أشاروا على يحيى بمعاجلة الحسين، وألحت عليه عوام أصحابه بمثل ذلك، فزحف إليه من ظهر الكوفة من وراء الخندق ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب، ومعه الهيضم العجلي، في فرسان من بني عجل وأناس من بني أسد ورجالة من أهل الكوفة ليسوا بذوي علم ولا تدبير ولا شجاعة، فأسروا ليلتهم، ثم صبحوا حسينا وأصحابه- وأصحاب حسين مستريحون ومستعدون- فثاروا إليهم في الغلس