للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن محمد بن عبد الله بن طاهر أمر بحمل رأسه إلى المستعين من غد اليوم الذي وافاه فيه، وكتب إليه بالفتح بيده، ونصب رأسه بباب العامة بسامرا، واجتمع الناس لذلك، وكثروا وتذمروا، وتولى إبراهيم الديرج نصبه، لأن إبراهيم بن إسحاق خليفة محمد بن عبد الله أمره فنصبه لحظة، ثم حط، ورد إلى بغداد لينصب بها بباب الجسر، فلم يتهيأ ذلك لمحمد بن عبد الله لكثرة من اجتمع من الناس وذكر لمحمد بن عبد الله أنهم على أخذه اجتمعوا، فلم ينصبه، وجعله في صندوق في بيت السلاح في داره، ووجه الحسين ابن إسماعيل بالأسرى ورءوس من قتل معه مع رجل يقال له أحمد بن عصمويه، ممن كان مع إسحاق بن إبراهيم، فكدهم وأجاعهم وأساء بهم، فأمر بهم فحبسوا في سجن الجديد، وكتب فيهم محمد بن عبد الله يسأل الصفح عنهم، فأمر بتخليتهم، وأن تدفن الرءوس ولا تنصب، فدفنت في قصر بباب الذهب.

وذكر عن بعض الطاهرين أنه حضر مجلس محمد بن عبد الله وهو يهنأ بمقتل يحيى بن عمرو بالفتح وجماعة من الهاشميين والطالبيين وغيرهم حضور، فدخل عليه داود بن القاسم أبو هاشم الجعفري فيمن دخل، فسمعهم يهنئونه، فقال: أيها الأمير، إنك لتهنَّأ بقتل رجل لو كان رسول الله ص حيا لعزي به! فما رد عليه محمد بن عبد الله شيئا، فخرج أبو هاشم الجعفري، وهو يقول:

يا بني طاهر كلوه وبيا ... إن لحم النبي غير مري

إن وترا يكون طالبه الله ... لوتر نجاحه بالحري

وكان المستعين قد وجه كلباتكين مددا للحسين ومستظهرا به، فلحق حسينا بعد ما هزم القوم وقتل يحيى بن عمر، فمضى ومعهم صاحب بريد الكوفة فلقي جماعة ممن كان مع يحيى بن عمر، ومعهم أسوقة وأطعمة يريدون عسكر يحيى، فوضع فيهم السيف فقتلهم، ودخل الكوفة، فأراد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>