إلى الشاكرية أن يكونوا على عدة إن احتيج إليهم، وسكن الناس عند الظهر، وهدأت الأمور، وقد كان عدة من قواد الأتراك صاروا إلى هؤلاء المشغبين وسألوهم الانصراف، فقالوا: يوق يوق، أي لا لا فذكر عن بشر بن سعيد عن جامع بن خالد- وكان أحد خلفاء وصيف من الأتراك- أنه كان المتولي مخاطبتهم مع عدة ممن يعرف التركية، فأعلموهم أن المستعين وبغا ووصيف قد خرجوا إلى بغداد، فأظهروا التندم، وانصرفوا منكسرين، فلما انتشر الخبر بخروج المستعين صار الأتراك الى دور دليل ابن يعقوب ودور أهل بيته ممن قرب منه وجيرانه، فانتهبوا ما فيها حتى صاروا إلى الخشب والدروندات، وقتلوا ما قدروا عليه من البغال، وانتهبوا علف الدواب والخمر التي في خزانة الشراب، ودفع عن دار سلمة بن سعيد النصراني جماعة كان وكلهم بها، من المصارعين وغيرهم من جيرانهم، ومنعوهم من دخول الدار، لأنهم أرادوا دار إبراهيم بن مهران النصراني العسكري، فدفعوهم عنها، وسلم سلمة وإبراهيم من النهب.
وقال في قتل باغر والفتنة التي هاجت بسببه بعض الشعراء، ذكر أن قائله أحمد بن الحارث اليمامي:
لعمري لئن قتلوا باغرا ... لقد هاج باغر حربا طحونا
وفر الخليفة والقائدان ... بالليل يلتمسان السفينا
وصاحوا بميسان ملاحهم ... فجاءهم يسبق الناظرينا
فألزمهم بطن حراقة ... وصرت مجاذيفهم سائرينا
وما كان قدر ابن مارمه ... فتكسب فيه الحروب الزبونا