نسأله العفو عنا والصفح عن زلتنا! فقال المستعين: قد صفحت عنكم ورضيت، فقال له بايكباك: فإن كنت قد رضيت عنا وصفحت، فقم فاركب معنا إلى سامرا، فإن الأتراك ينتظرونك، فأومأ محمد بن عبد الله إلى محمد بن أبي عون، فلكز في حلق بايكباك وقال له محمد بن عبد الله: هكذا يقال لأمير المؤمنين، قم فاركب معنا! فضحك المستعين من ذلك وقال: هؤلاء قوم عجم، ليس لهم معرفة بحدود الكلام وقال لهم المستعين، تصيرون الى إلى سامرا، فإن أرزاقكم دارة عليكم، وأنظر في امرى هاهنا ومقامي.
فانصرفوا آيسين منه، وأغضبهم ما كان من محمد بن عبد الله، وأخبروا من وردوا عليه من الأتراك خبرهم، وخالفوا فيما رد عليهم تحريضا لهم على خلعه والاستبدال به، وأجمع رأيهم على إخراج المعتز والبيعة له، وكان المعتز والمؤيد في حبس في الجوسق في حجرة صغيرة، مع كل واحد منهما غلام يخدمه، موكل بهم رجل من الأتراك يقال له عيسى خليفة بليار ومعه عدة من الأعوان، فأخرجوا المعتز من يومهم، فأخذوا من شعره، وقد كان بويع له بالخلافة، وأمر للناس برزق عشرة أشهر للبيعة، فلم يتم المال، فأعطوا شهرين لقلة المال عندهم.
وكان المستعين خلف بسامرا في بيت المال مما كان طلمجور وأساتكين القائدان قدما به من ناحية الموصل من مال الشام نحوا من خمسمائة ألف دينار، وفي بيت مال أم المستعين قيمة ألف ألف دينار، وفي بيت مال العباس ابن المستعين قيمه ستمائه ألف دينار، فذكر أن نسخة البيعة التي أخذت:
بسم الله الرحمن الرحيم تبايعون عبد الله الإمام المعتز بالله أمير المؤمنين بيعة طوع واعتقاد، ورضا ورغبة وإخلاص من سرائركم، وانشراح من صدوركم، وصدق من نياتكم، لا مكرهين ولا مجبرين، بل مقرين عالمين بما في هذه البيعة وتأكيدها من تقوى الله وإيثار طاعته، وإعزاز حقه ودينه، ومن عموم صلاح عباد الله واجتماع الكلمة، ولم الشعث، وسكون الدهماء، وأمن