أن تسمعوا ما أخذ عليكم في هذه البيعة ولا تبدلوا ولا تميلوا، وأن تمسكوا بما عاهدتم الله عليه تمسك أهل الطاعة بطاعتهم، وذوي الوفاء والعهد بوفائهم، ولا يلفتكم عن ذلك هوى ولا ميل، ولا يزيغ قلوبكم فتنة أو ضلالة عن هدى، باذلين في ذلك أنفسكم واجتهادكم، ومقدمين فيه حق الدين والطاعة والوفاء بما جعلتم على أنفسكم، لا يقبل الله منكم في هذه البيعة إلا الوفاء بها.
فمن نكث منكم ممن بايع أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين هذه البيعة على ما أخذ عليكم، مسرا أو معلنا، مصرحا أو محتالا أو متأولا، وادهن فيما أعطى الله من نفسه، وفيما أخذ عليه من مواثيق الله وعهوده، وزاغ عن السبيل التي يعتصم بها أولو الرأي، فكل ما يملك كل واحد منكم ممن ختر في ذلك منكم عهده، من مال أو عقار أو سائمة أو زرع أو ضرع صدقة على المساكين في وجوه سبيل الله، محبوس محرم عليه أن يرجع شيئا من ذلك إلى ماله، عن حيلة يقدمها لنفسه، أو يحتال له بها، وما أفاد في بقية عمره من فائدة مال يقل خطرها أو يجل، فذلك سبيلها، إلى أن توافيه منيته، ويأتي عليه أجله وكل مملوك يملكه اليوم وإلى ثلاثين سنة، ذكر أو أنثى، أحرار لوجه الله، ونساؤه يوم يلزمه فيه الحنث ومن يتزوج بعدهن إلى ثلاثين سنة طوالق طلاق الحرج، لا يقبل الله منه إلا الوفاء بها، وهو بريء من الله ورسوله، والله ورسوله منه بريئان، ولا قبل الله منه صرفا ولا عدلا، والله عليكم بذلك شهيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأحضر- فيما ذكر- البيعة ابو احمد بن الرشيد وبه النقرس محمولا في محفة، فأمر بالبيعة فامتنع، وقال للمعتز: خرجت إلينا خروج طائع فخلعتها، وزعمت أنك لا تقوم بها، فقال المعتز: أكرهت على ذلك وخفت السيف فقال أبو أحمد: ما علينا أنك أكرهت، وقد بايعنا هذا الرجل، فتريد أن نطلق نساءنا، ونخرج من أموالنا، ولا ندري ما يكون! إن تركتني على أمري حتى يجتمع الناس، وإلا فهذا السيف فقال المعتز اتركوه، فرد إلى منزله من غير بيعة