بقرب الحمام الذي يعرف بباب القطيعة، فقتل أول من خرج منهم من النقب، وكان القتل في هذا اليوم أكثر في الأتراك والمغاربة والجراح بالسهام في أهل بغداد.
وسمعت جماعة يذكرون أنه حضر هذه الوقعة غلام لم يبلغ الحلم، ومعه مخلاة فيها حجارة ومقلاع في يده، يرمي عنه فلا يخطئ وجوه الأتراك ووجوه دوابهم وأن أربعة من فرسان الأتراك الناشبة جعلوا يرمونه فيخطئونه، وجعل يرميهم فلا يخطئ، وتقطر بهم دوابهم، فمضوا حتى جاءوا معهم بأربعة من رجالة المغاربة بأيديهم الرماح والتراس، فجعلوا يحملون عليه، ثم داخله اثنان منهم، فرمى بنفسه في الماء، ودخلا خلفه فلم يلحقاه، وعبر إلى الجانب الشرقي، وصيح بهما، وكبر الناس، فرجعوا ولم يصلوا إليه.
وذكر أن عبيد الله بن عبد الله دعا القواد في هذا اليوم وهم خمسة نفر، فأمر كل واحد منهم بناحية، ثم مضى الناس إلى الحرب، وانصرف هو إلى الباب، فقال لعبد الله بن جهم وهو موكل بباب قطربل: إياك أن تدع منهم أحدا يدخل منهزما من الباب ونشبت الحرب، وتشتت الناس، ووقعت الهزيمة، وثبت أسد بن داود، حتى قتل وقتل بيده ثلاثة، ثم أتاه سهم غرب، فوقع في حلقه فولى، وجاء سهم آخر فوقع في كفل دابته فشبت به فصرعته، ولم يثبت معه أحد إلا ابنه، فجرح، وكان إغلاق الباب على المنهزمين أشد من عدوهم، وحمل- فيما ذكر- إلى سامرا من أهل بغداد سبعون أسيرا، ومن الرءوس ثلاثمائة رأس.
وذكر أن الاسرى لما قربوا من سامرا أمر الذي وجه به معهم ألا يدخلهم سامرا إلا مغطي الوجوه، وأن أهل سامرا لما رأوهم كثر ضجيجهم وبكاؤهم، وارتفعت أصواتهم وأصوات نسائهم بالصراخ والدعاء، فبلغ ذلك المعتز، فكره ان تغلظ قلوب من بحضرته من الناس عليه، فأمر لكل أسير بدينارين،