ذكر الخبر عن أمر الأنبار وما كان فيها من هذه الفتنة فمما كان بها ان محمد بن عبد الله وجه بحونه بن قيس في الأعراب إلى الأنبار، وأمره بالمقام بها والفرض لأعراب الناحية، ففرض قوما منهم ومن المشبهة بهم نحوا من ألفي رجل، فأقام بالأنبار وضبطها، فبلغه أن قوما من الأتراك قد قصدوه، فبثق الماء من الفرات إلى خندق الأنبار، فامتلأ الخندق لزيادة الماء، وفاض على ما يليه من الصحاري، فصار الماء إلى السالحين فصار ما يلي الأنبار بطيحة واحدة، وقطع القناطر التي توصل إلى الأنبار، وكتب يستمد فندب للخروج إليه رشيد بن كاوس أخو الأفشين، وضم إليه ممن كان معه من رجاله تتمة ألف رجل، خمسمائة فارس وخمسمائة راجل، فشخص وعسكر في قصر عبدويه، وأمده ابن طاهر بثلاثمائة راجل من الملطيين القادمين من الثغور، وانتخبوا، ودفع إليهم استحقاقهم، ونفذوا إليه يوم الثلاثاء ورحل من قصر عبدويه يوم الاثنين سلخ ربيع الآخر في نحو من الف وخمسمائة رجل، وأخرج المعتز أبا نصر بن بغا من سامرا على طريق الإسحاقي يوم الثلاثاء، فسار يومه وليلته، فصبح الأنبار ساعة نزلها رشيد بن كاوس.
وكان بحونه نازلا في المدينة ورشيد خارجها، فلما وافى أبو نصر عاجل رشيدا وأصحابه وهم غارون على غير تعبئة، فوضع أصحابه فيهم السيف، ورموهم بالنشاب فقتلوا عدة، وثار بعض أصحاب رشيد إلى أسلحتهم، فقاتلوا الاتراك والمغاربه قتالا شديدا، وقتلوا منهم جماعة، ثم انهزم الشاكرية ورشيد على الطريق الذي جاءوا فيه منصرفين الى بغداد.
ولما بلغ بجونه ما لقيه أصحاب رشيد، وأن الأتراك قد مالوا عند انهزام رشيد إلى الأنبار عبر إلى الجانب الغربي، وقطع جسر الأنبار، وعبر معه جماعة من أصحابه، وصار رشيد إلى المحول في ليلته، وسار بحونه