التي فيها الجيش، فمضى بهم وجماعة أخر غيرهم وهم زهاء ثلاثمائة في السلاح، فصاروا إلى باب ابن طاهر، فكشفوا من عليه وردوهم، فلم يبرحوا يقاتلونهم، حتى صاروا إلى دهليز الدار، وأرادوا إحراق الباب الداخل فلم يجدوا نارا، وقد كانوا باتوا بالجزيرة الليل كله يشتمونه ويتناولنه بالقبيح.
وذكر عن ابن شجاع البلخي أنه قال: كنت عند الأمير وهو يحدثني ويسمع ما يقذف به من كل إنسان، حتى ذكروا اسم أمه، فضحك وقال:
يا أبا عبد الله، ما أدري كيف عرفوا اسم أمي! ولقد كان كثير من جواري أبي العباس عبد الله بن طاهر لا يعرفون اسمها، فقلت له: أيها الأمير، ما رأيت أوسع من حلمك، فقال لي: يا أبا عبد الله، ما رأيت أوفق من الصبر عليهم، ولا بد من ذلك فلما أصبحوا وافوا الباب، فصاحوا، فصار ابن طاهر إلى المستعين يسأله أن يطلع إليهم ويسكنهم ويعلمهم ما هو عليه لهم، فأشرف عليهم من أعلى الباب وعليه البردة والطويلة، وابن طاهر إلى جانبه، فحلف لهم بالله ما اتهمه، وإني لفي عافية ما علي منه بأس، وإنه لم يخلع، ووعدهم أنه يخرج في غد يوم الجمعة ليصلي بهم، ويظهر لهم فانصرف عامتهم بعد قتلى وقعت ولما كان يوم الجمعة بكر الناس بالصياح يطلبون المستعين، وانتهبوا دواب علي بن جهشيار- وكانت في الخراب، على باب الجسر الشرقي- وانتهب جميع ما كان في منزله وهرب، وما زال الناس وقوفا على ما هم عليه إلى ارتفاع النهار، فوافى وصيف وبغا وأولادهما ومواليهما وقوادهما وأخوال المستعين، فصار الناس جميعا إلى الباب، فدخل وصيف وبغا في خاصتهما، ودخل أخوال المستعين معهم إلى الدهليز، ووقفوا على دوابهم، وأعلم ابن طاهر بمكان الأخوال، فأذن لهم.
بالنزول فأبوا، وقالوا: ليس هذا يوم نزولنا عن ظهور دوابنا حتى نعلم نحن والعامه ما نحن عليه، ولم تزل الرسل تختلف إليهم، وهم يأبون،