فكتب قوم من أصحاب بغا ووصيف إليهما بذلك، وحذروهما محمد بن عبد الله، فركب وصيف وبغا إليه يوم الثلاثاء لخمس بقين من ربيع الأول، فقال له بغا: بلغنا أيها الأمير ما ضمنه ابن أبي عون من قتلنا، والقوم قد غدروا وخالفوا ما فارقونا عليه، والله لو أرادوا أن يقتلونا ما قدروا عليه فحلف لهما أنه ما علم بشيء من ذلك، وتكلم بغا بكلام شديد، ووصيف يكفه، وقال وصيف: أيها الأمير، قد غدر القوم ونحن نمسك ونقعد في منازلنا حتى يجيء من يقتلنا! وكانا دخلا مع جماعة، ثم رجعا إلى منازلهما، فجمعا جندهما ومواليهما، وأخذا في الاستعداد وشرى السلاح وتفريق الأموال في جيرانهما إلى سلخ ربيع وكان وصيف وبغا عند قدوم قرب، وجه إليهما محمد ابن عبد الله كاتبه محمد بن عيسى، فأقبلا معه حتى صارا عند دار محمد بن عبد الله بقرب الجسر، فلقيهما جعفر الكردي وابن خالد البرمكي، فتعلق كل واحد منهما بلجام واحد منهما، وقال لهما: إنما دعيتما لتحملا إلى العسكر، وقد أعد لكما لذلك قوم أو لتقتلا، فرجعا وجمعا جمعا، وأجريا على كل رجل كل يوم درهمين، فأقاما في منازلهما.
وكان وصيف وجه أخته سعاد إلى المؤيد، وكان المؤيد في حجرها، فأخرجت من قصر وصيف الف الف دينار كانت مدفونة فيه، فدفعتها إلى المؤيد، فكلم المؤيد المعتز في الرضا عن وصيف، فكتب إليه بالرضا عنه، فضرب مضاربه بباب الشماسية على ان يخرج، وتكلم ابو احمد ابن المتوكل في الرضا عن بغا، فكتب إليه بالرضا، واضطرب أمرهما وهما مقيمان ببغداد.
ثم اجتمع على المعتز الأتراك فسألوه الأمر بإحضارهما، وقالوا: هما كبيرانا ورئيسانا، فكتب إليهما بذلك، فجاء بالكتاب بايكباك في نحو من ثلاثمائة رجل، فأقام بالبردان، ووجه إليهما الكتاب لسبع بقين من شهر رمضان من هذه السنة، فكتب إلى محمد بن عبد الله بمنعهما، فوجها بكاتبيهما احمد