ولما انتقل إلى البادية صحبه جماعة من أهل البحرين، منهم رجل كيال من أهل الأحساء، يقال له يحيى بن محمد الأزرق المعروف بالبحراني، مولى لبني دارم ويحيى بن أبي ثعلب، وكان تاجرا من أهل هجر، وبعض موالي بني حنظلة أسود يقال له سليمان بن جامع، وهو قائد جيشه، ثم كان ينتقل في البادية من حي.
إلى حي فذكر عنه أنه كان يقول: أوتيت في تلك الأيام آيات من آيات إمامتي ظاهرة للناس، منها- فيما ذكر عنه- أنه قال: إني لقيت سورا من القرآن لا أحفظها، فجرى بها لساني في ساعة واحدة، منها سبحان والكهف وص.
قال: ومن ذلك انى لقيت نفسي على فراشي، فجعلت أفكر في الموضع الذي أقصد له، وأجعل مقامي به، إذ نبت بي البادية، وضقت بسوء طاعة أهلها، فأظلتني سحابة، فبرقت ورعدت، واتصل صوت الرعد منها بسمعي، فخوطبت فيه، فقيل: اقصد البصرة، فقلت لأصحابي وهم يكنفونني:
إني أمرت بصوت هذا الرعد بالمصير إلى البصرة.
وذكر أنه عند مصيره إلى البادية أوهم أهلها أنه يحيى بن عمر أبو الحسين المقتول بناحية الكوفة، فاختدع بذلك قوما منهم، حتى اجتمع بها منهم جماعة كثيرة، فزحف بهم إلى موضع بالبحرين يقال له الردم، فكانت بينهم وقعة عظيمة، كانت الدائرة فيها عليه وعلى أصحابه، قتلوا فيها قتلا ذريعا، فنفرت عنه العرب وكرهته، وتجنبت صحبته فلما تفرقت عنه العرب، ونبت به البادية، شخص عنها إلى البصرة، فنزل بها في بني ضبيعة، فاتبعه بها جماعة، منهم علي بن أبان المعروف بالمهلبي وأخواه محمد والخليل وغيرهم.
وكان قدومه البصرة في سنة أربع وخمسين ومائتين، ومحمد بن رجاء الحضاري عامل السلطان بها، ووافق ذلك فتنة أهل البصرة بالبلالية والسعدية، فطمع في أحد الفريقين أن يميل إليه، فأمر أربعة نفر من أصحابه، فخرجوا بمسجد عباد، أحدهم يسمى محمد بن سلم القصاب الهجري، والآخر بريش القريعي، والثالث علي الضراب، والرابع الحسين الصيدناني، وهم الذين كانوا صحبوه