للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاروا إلى نهر ميمون، فنزل المسجد الذي في وسط السوق الشارع على نهر ميمون، وأقام هناك ولم يزل ذلك دأبه، يجتمع إليه السودان إلى يوم الفطر.

فلما أصبح نادى في أصحابه بالاجتماع لصلاة الفطر فاجتمعوا، وركز المردي الذي عليه لواؤه، وصلى بهم وخطب خطبة ذكر فيها ما كانوا عليه من سوء الحال، وأن الله قد استنقذهم به من ذلك، وأنه يريد أن يرفع أقدارهم، ويملكهم العبيد والأموال والمنازل، ويبلغ بهم أعلى الأمور، ثم حلف لهم على ذلك فلما فرغ من صلاته وخطبته، أمر الذين فهموا عنه قوله أن يفهموه من لا فهم له من عجمهم، لتطيب بذلك أنفسهم ففعلوا ذلك، ودخل القصر فلما كان بعد يوم قصد نهر بور، فوافى جماعة من أصحابه هناك الحميري في جماعة، فدفعوهم حتى أخرجوهم إلى الصحراء، فلحقهم صاحب الزنج فيمن معه، فأوقع بالحميري وأصحابه، فانهزموا حتى صاروا إلى بطن دجلة واستأمن إليه رجل من رؤساء الزنج يكنى بأبي صالح، يعرف بالقصير، في ثلاثمائة من الزنج، فمناهم ووعدهم فلما كثر من اجتمع اليه من الزنج قود قواده، وقال لهم: كل من أتى منكم برجل فهو مضموم إليه وقيل أنه لم يقود قواده إلا بعد مواقعة الخول ببيان ومصيره إلى سبخة القندل.

وكان ابن أبي عون نقل عن ولاية واسط إلى ولاية الأبلة وكور دجلة، فذكر أنه انتهى إليه في اليوم الذي قود فيه قواده أن الحميري وعقيلا مع خليفة ابن أبي عون المقيم كان بالأبلة، قد أقبلوا نحوه، ونزلوا نهر طين، فأمر أصحابه بالمصير إلى الرزيقية وهي في مؤخر الباذاورد، فصار إليها في وقت صلاة الظهر، فصلوا بها، واستعدوا للقتال، وليس في عسكره يومئذ إلا ثلاثة أسياف: سيفه، وسيف علي بن أبان، وسيف محمد بن سلم ونهض بأصحابه فيما بين الظهر والعصر راجعا نحو المحمدية، وجعل علي بن أبان في آخر أصحابه، وأمره أن يعرف خبر من يأتيه من ورائه، وتقدم في أوائل الناس حتى وافى المحمدية، فقعد على النهر، وأمر الناس فشربوا منه، وتوافى إليه أصحابه، فقال له علي بن أبان: قد كنا نرى من ورائنا بارقة ونسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>