قريبا منها، وأمر بانتهابها وإحراقها، فانتهبت وأحرقت، وسار على نهر الماديان، فوجد فيها تمورا، فأمر بإحراقها.
وكان لصاحب الزنج بعد ذلك أمور من عيثه هو وأصحابه في تلك الناحية تركنا ذكرها، إذ لم تكن عظيمة.
وإن كان كل أموره كانت عظيمة ثم كان من عظيم ما كان له من الوقائع مع أصحاب السلطان وقعة كانت مع رجل من الأتراك يكنى أبا هلال في سوق الريان، ذكر عن قائد من قواده يقال له ريحان، أن هذا التركي وافاهم في هذا السوق، ومعه زهاء أربعة آلاف رجل أو يزيدون، وفي مقدمته قوم عليهم ثياب مشهرة وأعلام وطبول، وأن السودان حملوا عليه حملة صادقة، وأن بعض السودان ألقى صاحب علم القوم فضربه بخشبتين كانتا معه في يده فصرعه، وانهزم القوم، وتلاحق السودان، فقتلوا من أصحاب أبي هلال زهاء ألف وخمسمائة وإن بعضهم اتبع أبا هلال ففاته بنفسه على دابة عري، وحال بينهم وبين من أفلت ظلمة الليل، وأنه لما أصبح أمر بتتبعهم، ففعلوا ذلك فجاءوا بأسرى ورءوس، فقتل الأسرى كلهم.
ثم كانت له وقعة أخرى بعد هذه الوقعة مع أصحاب السلطان، هزمهم فيها، وظفر بهم، وكان مبتدأ الأمر في ذلك- فيما ذكر عن قائد لصاحب الزنج من السودان يقال له ريحان- أنه قال: لما كان في بعض الليل من ليالي هذه السنة التي ذكرنا أنه ظهر فيها، سمع نباح كلب في أبواب تعرف بعمرو بن مسعدة، فأمر بتعرف الموضع الذي يأتي منه النباح، فوجه لذلك رجلا من أصحابه، ثم رجع فأخبره أنه لم ير شيئا، وعاد النباح قال ريحان: فدعاني، فقال لي: صر إلى موضع هذا الكلب النابح، فإنه إنما نبح شخصا يراه، فصرت فإذا أنا بالكلب على المسناة، ولم أر شيئا، فأشرفت فإذا أنا برجل قاعد في درجات هنا لك، فكلمته، فلما سمعني أفصح بالعربية كلمني، فقال: أنا سيران بن عفو الله، أتيت صاحبكم بكتب من شيعته بالبصرة، وكان سيران هذا أحد من صحب صاحب الزنج أيام مقامه بالبصرة، فأخذته فأتيته به، فقرأ الكتب التي كانت معه، وسأله عن الزينبي