ذلك اليوم كان أن بعضهم قال لبعض: إن هذه المطاولة إنما هي حيلة عليكم حتى يكبسكم صالح بن وصيف بجيشه فخافوا ذلك، فحملوه وذهبوا به إلى الموضع الآخر، فذكر عمن سمع المهتدي يقول لموسى: ما تريد ويحك! اتق الله وخفه، فإنك تركب أمرا عظيما قال: فرد عليه موسى: إنا ما نريد إلا خيرا، ولا وتربة المتوكل لا نالك منا شر البتة.
قال الذي ذكر ذلك: فقلت في نفسي: لو أراد خيرا لحلف بتربة المعتصم أو الواثق.
ولما صاروا به إلى دار ياجور أخذوا عليه العهود والمواثيق ألا يمايل صالحا عليهم، ولا يضمر لهم إلا مثل ما يظهر، ففعل ذلك، فجددوا له البيعة ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم، وأصبحوا يوم الثلاثاء، فوجهوا إلى صالح أن يحضرهم للمناظرة، فوعدهم أن يصير إليهم.
فذكر عن بعض رؤساء الفراغنة، أنه قيل له: ما الذي تطالبون به صالح ابن وصيف؟ فقال: دماء الكتاب وأموالهم ودم المعتز وأمواله وأسبابه ثم أقبل القوم على إبرام الأمور وعسكرهم خارج باب الحير عند باب ياجور، فلما كانت ليلة الأربعاء استتر صالح، فذكر عن طلمجور أنه قال: لما كانت ليلة الأربعاء اجتمعنا عند صالح، وقد أمر أن يفرق أرزاق أصحاب النوبة عليهم، فقال لبعض من حضره: اخرج فاعرض من حضر من الناس، فكانوا بالغداه زهاء خمسة آلاف قال: فعاد إليه، وقال: يكونون ثمانمائه رجل، أكثرهم غلمانك ومواليك فأطرق مليا، ثم قام وتركنا، ولم يأمر بشيء وكان آخر العهد.
وذكر عمن سمع بختيشوع يقول وهو يعرض بصالح قبل قدوم موسى.
حركنا هذا الجيش الخشن، وأرغمناه، حتى إذا أقبل إلينا تشاغلنا بالنرد والشرب، كانا بنا وقد اختفينا إذا ورد القاطول! فكان الأمر كذلك.
وغدا طغتا إلى باب ياجور سحر يوم الأربعاء فلقيه مفلح، فضربه بطبرزين، فشجه في جانب جبينه الأيمن، فكان الذين أقاموا مع صالح الليلة