المهتدي، وذلك أني سمعت بعض من كان حاضر المجلس وهو يقول: أجمع القوم على خلع الرجل.
قال: فصرت إلى أخيه إبراهيم، فأعلمته بذلك، فدخل عليه فأعلمه ذلك، وحكاه عني، فلم أزل خائفا أن يعجل أمير المؤمنين فيخبرهم عني بالخبر، فرزق الله السلامة وذكر أن أخا بايكباك قال لهم في هذا المجلس لما أطلعوه على ما كانوا عزموا عليه: إنكم قتلتم ابن المتوكل، وهو حسن الوجه، سخي الكف، فاضل النفس، وتريدون أن تقتلوا هذا وهو مسلم يصوم ولا يشرب النبيذ من غير ذنب! والله لئن قتلتم هذا لألحقن بخراسان، ولأشيعن أمركم هناك.
فلما اتصل الخبر بالمهتدي خرج إلى مجلسه متقلدا سيفا، وقد لبس ثيابا نظافا، وتطيب، ثم أمر بإدخالهم إليه، فأبوا ذلك مليا، ثم دخلوا عليه، فقال لهم: أنه قد بلغني ما أنتم عليه من أمري، ولست كمن تقدمني مثل أحمد بن محمد المستعين، ولا مثل ابن قبيحة، والله ما خرجت إليكم إلا وأنا متحنط، وقد أوصيت إلى أخي بولدي، وهذا سيفي، والله لأضربن به ما استمسك قائمه بيدي، والله لئن سقط من شعري شعرة ليهلكن أو ليذهبن بها أكثركم إما دين! إما حياء! إما رعة! كم يكون هذا الخلاف على الخلفاء والإقدام والجرأة على الله! سواء عليكم من قصد الإبقاء عليكم ومن كان إذا بلغه مثل هذا عنكم دعا بارطال الشراب فشربها مسرورا بمكروهكم وحبا لبواركم! خبروني عنكم، هل تعلمون أنه وصل إلي من دنياكم هذه شيء! أما إنك تعلم يا بايكباك أن بعض المتصلين بك أيسر من جماعة إخوتي وولدي، وإن أحببت أن تعرف ذلك فانظر: هل ترى في منازلهم فرشا أو وصائف أو خدما أو جواري! أو لهم ضياع أو غلات! سوءة لكم! ثم تقولون: إني أعلم على صالح، وهل صالح إلا رجل من الموالي، وكواحد منكم! فكيف الإقامة معه إذا ساء رأيكم فيه! فإن آثرتم الصلح كان ذلك ما أهوى لجمعكم،