للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم، يا معشر المسلمين، ادعوا الله لخليفتكم العدل الرضى المضاهي لعمر بن الخطاب أن ينصره على عدوه، ويكفيه مؤنة ظالمه، ويتم النعمة عليه وعلى هذه الأمة ببقائه، فإن الموالي قد أخذوه بأن يخلع نفسه وهو يعذب منذ أيام، والمدبر لذلك أحمد بن محمد بن ثوابة والحسن بن مخلد، رحم الله من أخلص النية ودعا وصلى على محمد صلى الله عليه وسلم! فلما كان يوم الأربعاء لأربع خلون من صفر من هذه السنة، تحرك الموالي بالكرخ والدور، ووجهوا إلى المهتدي على لسان رجل منهم يقال له عيسى: إنا نحتاج أن نلقي إلى أمير المؤمنين شيئا، وسألوا أن يوجه أمير المؤمنين إليهم أحد إخوته، فوجه إليهم أخاه عبد الله أبا القاسم، وهو أكبر إخوته، ووجه معه محمد بن مباشر المعروف بالكرخي، فمضيا إليهم، فسألاهم عن شأنهم، فذكروا أنهم سامعون مطيعون لأمير المؤمنين، وانه بلغهم ان موسى ابن بغا وبايكباك وجماعة من قوادهم يريدونه على الخلع، وأنهم يبذلون دماءهم دون ذلك، وأنهم قد قرءوا بذلك رقاعا ألقيت في المسجد والطرقات، وشكوا مع ذلك سوء حالهم، وتأخر أرزاقهم، وما صار من الإقطاعات إلى قوادهم التي قد أجحفت بالضياع والخراج، وما صار لكبرائهم من المعاون والزيادات من الرسوم القديمة مع أرزاق النساء والدخلاء الذين قد استغرقوا أكثر أموال الخراج وكثر كلامهم في ذلك، فقال لهم ابو القاسم عبد الله ابن الواثق: اكتبوا هذا في كتاب إلى أمير المؤمنين، أتولى إيصاله لكم، فكتبوا ذلك، وكاتبهم في الذي يكتبون محمد بن ثقيف الأسود، وكان يكتب لعيسى صاحب الكرخ أحيانا وانصرف أبو القاسم ومحمد بن مباشر، فأوصلا الكتاب إلى المهتدي، فكتب جوابه بخطه، وختمه بخاتمه، وغدا أبو القاسم إلى الكرخ، فوافاهم فصاروا به إلى دار أشناس وقد صيروها مسجدا جامعا لهم، فوقف ووقفوا له في الرحبة، واجتمع منهم زهاء مائة وخمسين فارسا ونحو من خمسمائة راجل، فأقرأهم من المهتدي السلام، وقال: يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>