فقال لي أصحابي: اخرج فتعرف لنا خبر هذه الخيل، فخرجت فإذا جماعة من بني تميم وبني أسد، فسألتهم عن حالهم، فزعموا انهم اصحاب العلوي المضمومون إلى علي بن أبان، وأن عليا يوافي البصرة في غد تلك الليلة، وأن قصده لناحية بني سعد، وأن يحيى بن محمد بجمعه قاصد لناحية آل المهلب، فقالوا: قل لأصحابك من بني سعد: إن كنتم تريدون تحصين حرمكم، فبادروا إخراجهم قبل إحاطة الجيش بكم.
قال الفضل: فرجعت إلى أصحابي، فأعلمتهم خبر الأعراب فاستعدوا، فوجهوا إلى بريه يعلمونه الخبر، فوافاهم فيمن كان بقي من الخول وجماعة من الجند وقت طلوع الفجر، فساروا حتى انتهوا إلى خندق يعرف ببني حمان، ووافاهم بنو تميم ومقاتلة السعدية، فلم يلبثوا ان طلع عليهم على ابن أبان في جماعة الزنج والأعراب على متون الخيل، فذهل بريه قبل لقاء القوم، فرجع إلى منزله، فكانت هزيمة، وتفرق من كان اجتمع من بني تميم، ووافى علي فلم يدافعه أحد، ومر قاصدا إلى المربد، ووجه بريه إلى بني تميم يستصرخهم، فنهض إليه منهم جماعة، فكان القتال بالمربد بحضرة دار بريه، ثم انهزم بريه عن داره، وتفرق الناس لانهزامه، فأحرقت الزنج داره، وانتهبوا ما كان فيها، فأقام الناس يقتلون هنالك، وقد ضعف أهل البصرة، وقوي عليهم الزنج، واتصلت الحرب بينهم إلى آخر ذلك اليوم، ودخل علي المسجد الجامع فأحرقه، وأدركه فتح غلام أبي شيث في جماعة من البصريين، فأنكشف علي وأصحابه عنهم، وقتل من الزنج قوم، ورجع علي فعسكر في الموضع المعروف بمقبرة بني شيبان، فطلب الناس سلطانا يقاتلون معه فلم يجدوه، وطلبوا بريها، فوجدوه قد هرب، وأصبح أهل البصرة يوم السبت، فلم يأتهم علي بن أبان، وغاداهم يوم الأحد، فلم يقف له أحد، وظفر بالبصرة.
قال محمد بن الحسن: وحدثني محمد بن سمعان، قال: كنت مقيما بالبصرة في الوقت الذي دخلها الزنج، وكنت أحضر مجلس إبراهيم بن محمد