الأيام الستة التي خلقهم فيها مقداره ألف سنة من أيام الدنيا، وكان بين ابتدائه في خلق ذلك وخلق القلم الذي أمره بكتابه كل ما هو كائن إلى قيام الساعة ألف عام، وذلك يوم من أيام الآخرة التي قدر اليوم الواحد منها ألف عام من أيام الدنيا- كان معلوما أن قدر مدة ما بين أول ابتداء ربنا عز وجل في خلق ما خلق من خلقه إلى الفراغ من آخرهم سبعة آلاف عام يزيد إن شاء الله شيئا أو ينقص شيئا، على ما قد روينا من الآثار والأخبار التي ذكرناها، وتركنا ذكر كثير منها كراهة إطالة الكتاب بذكرها.
وإذا كان ذلك كذلك، وكان صحيحا أن مدة ما بين فراغ ربنا تعالى ذكره- من خلق جميع خلقه إلى وقت فناء جميعهم بما قد دللنا قبل، واستشهدنا من الشواهد، وبما سنشرح فيما بعد- سبعة آلاف سنة، تزيد قليلا أو تنقص قليلا- كان معلوما بذلك أن مدة ما بين أول خلق خلقه الله تعالى إلى قيام الساعة وفناء جميع العالم، أربعة عشر ألف عام من أعوام الدنيا، وذلك أربعة عشر يوما من أيام الآخرة، سبعة أيام من ذلك- وهي سبعة آلاف عام من أعوام الدنيا- مدة ما بين أول ابتداء الله جل وتقدس في خلق أول خلقه إلى فراغه من خلق آخرهم- وهو آدم ابو البشر ص، وسبعة أيام أخر، وهي سبعة آلاف عام من أعوام الدنيا، من ذلك مدة ما بين فراغه جل ثناؤه من خلق آخر خلقه- وهو آدم- إلى فناء آخرهم وقيام الساعة، وعود الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شيء غير القديم البارئ الذي له الخلق والأمر الذي كان قبل كل شيء، فلا شيء كان قبله، والكائن بعد كل شيء فلا شيء يبقى غير وجهه الكريم.
فإن قال قائل: وما دليلك على أن الأيام الستة التي خلق الله فيهن خلقه كان قدر كل يوم منهن قدر ألف عام من أعوام الدنيا دون أن يكون ذلك