للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وأمات حماره معه، وأعمى الله عنه العيون فلم يره أحد ثم بعثه الله فقال له:

«كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ» - يقول لم يتغير- «وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً» .

فنظر إلى حماره يتصل بعض إلى بعض- وقد كان مات معه- بالعروق والعصب، ثم كيف كسى ذلك منه اللحم حتى استوى، ثم جرى فيه الروح، فقام ينهق ثم نظر إلى عصيره وتينه، فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير فلما عاين من قدرة الله ما عاين، قَالَ: «أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ثم عمر الله إرميا بعد ذلك، فهو الذي يرى بفلوات الأرض والبلدان.

ثم إن بختنصر أقام في سلطانه ما شاء الله أن يقيم، ثم رأى رؤيا، فبينما هو قد أعجبه ما رأى إذ رأى شيئا أصابه فأنساه الذي كان رأى، فدعا دانيال، وحنانيا وعزاريا، وميشايل من ذراري الأنبياء، فقال: أخبروني عن رؤيا رأيتها، ثم أصابني شيء فأنسانيها، وقد كانت أعجبتني ما هي؟ قَالُوا له: أخبرنا بها نخبرك بتأويلها، قَالَ: ما أذكرها، وإن لم تخبروني بتأويلها لأنزعن أكتافكم فخرجوا من عنده، فدعوا الله واستغاثوا وتضرعوا إليه، وسألوه أن يعلمهم إياها، فأعلمهم الذي سألهم عنه، فجاءوه فقالوا له: رأيت تمثالا؟ قَالَ: صدقتم، قَالُوا: قدماه وساقاه من فخار، وركبتاه وفخذاه من نحاس، وبطنه من فضة، وصدره من ذهب، ورأسه وعنقه من حديد.

قَالَ: صدقتم قَالُوا: فبينما أنت تنظر إليه قد أعجبك، فأرسل الله عليه صخرة من السماء فدقته، فهي التي أنستكها قَالَ: صدقتم، فما تأويلها؟ قَالُوا:

تأويلها أنك أريت ملك الملوك، فكان بعضهم ألين ملكا من بعض، وبعضهم كان أحسن ملكا من بعض، وبعضهم كان أشد ملكا من بعض،

<<  <  ج: ص:  >  >>