مضى إلى المهلبي، فواقعه، فهزمه المهلبي وانصرف، واستعد ثم عاد لمحاربته، فأوقع به وقعة غليظة، وقتل من الزنج قتلا ذريعا، وأسر أسرى كثيرة، وانهزم علي بن أبان، وأفلت ومن معه من الزنج، حتى وافوا بيانا، فأراد الخبيث ردهم، فلم يرجعوا للذعر الذي خالط قلوبهم فلما رأى ذلك أذن لهم في دخول عسكره، فدخلوا جميعا، فأقاموا بمدينته ووافى عبد الرحمن حصن المهدي ليعسكر به، فوجه إليه الخبيث علي بن أبان، فواقعه فلم يقدر عليه، ومضى علي يريد الموضع المعروف بالدكر، وإبراهيم بن سيما يومئذ بالباذاورد، فواقعه إبراهيم، فهزم علي بن أبان، وعاوده فهزمه أيضا إبراهيم، فمضى في الليل، وأخذ معه أدلاء، فسلكوا به الآجام والأدغال، حتى وافى نهر يحيى، وانتهى خبره إلى عبد الرحمن، فوجه إليه طاشتمر في جمع من الموالي، فلم يصل إلى علي ومن معه لوعورة الموضع الذي كانوا فيه، وامتناعه بالقصب والحلافي، فأضرمه عليهم نارا، فخرجوا منه هاربين، فأسر منهم أسرى، وانصرف إلى عبد الرحمن بن مفلح بالأسرى والظفر، ومضى على ابن أبان حتى وافى نسوخا، فأقام هناك فيمن معه من أصحابه، وانتهى الخبر بذلك إلى عبد الرحمن بن مفلح، فصرف وجهه نحو العمود، فوافاه وأقام به.
وصار علي بن أبان إلى نهر السدرة، وكتب إلى الخبيث يستمده ويسأله التوجيه اليه بالشذاءات، فوجه إليه ثلاث عشرة شذاة، فيها جمع كثير من أصحابه فسار علي ومعه الشذا حتى وافى عبد الرحمن، وخرج إليه عبد الرحمن بمن معه، فلم يكن بينهما قتال، وتواقف الجيشان يومهما ذلك، فلما كان الليل، انتخب علي بن أبان من أصحابه جماعة يثق بجلدهم وصبرهم، ومضى فيهم ومعه سليمان بن موسى المعروف بالشعراني، وترك سائر عسكره مكانه ليخفى أمره، فصار من وراء عبد الرحمن، ثم بيته في عسكره، فنال منه ومن أصحابه نيلا، وانحاز عبد الرحمن عنه، وخلى عن أربع شذوات من شذواته،