النهر، ووافانا من الجانب الآخر عشرة من الزنج، فلما رأينا ذلك خرج أبو العباس، ومعه قوسه وأسهمه، وخرجت برمح كان في يدي، وجعلت أحميه بالرمح وهو يرمي الزنج، فجرح منهم زنجيين، وجعلوا يثوبون ويكثرون، وأدركنا زيرك في الشذا ومعه الغلمان، وقد كان أحاط بنا زهاء ألفي زنجي من جانبي مازروان، وكفى الله امرهم، وردهم بذله وصغار، ورجع أبو العباس إلى عسكره، وقد غنم أصحابه من الغنم والبقر والجواميس شيئا كثيرا، وأمر أبو العباس بثلاثة من الملاحين الذين كانوا معه، فتركوه لانتهاب الغنم، فضربت أعناقهم، وأمر لمن بقي بالأرزاق لشهر، وأمر بالنداء في الملاحين الا يبرح احد من السمير يأت في وقت الحرب، فمن فعل ذلك فقد حل دمه.
وانهزم الزنج أجمعون حتى لحقوا بطهيثا، وأقام أبو العباس بمعسكره في العمر، وقد بث طلائعه في جميع النواحي فمكث بذلك حينا، وجمع سليمان بن جامع عسكره وأصحابه، وتحصن بطهيثا، وفعل الشعراني مثل ذلك بسوق الخميس، وكان بالصينية لهم جيش كثيف أيضا، يقود أهله رجل منهم يقال له نصر السندي، وجعلوا يخربون كل ما وجدوا إلى إخرابه سبيلا، ويحملون ما قدروا على حمله من الغلات، ويعمرون مواضعهم التي هم مقيمون بها فوجه أبو العباس جماعة من قواده، منهم الشاه وكمشجور والفضل بن موسى بن بغا، وأخوه محمد على الخيل إلى ناحية الصينية، وركب أبو العباس ومعه نصير وزيرك في الشذا والسميريات، وأمر بخيل فعبر بها من برمساور إلى طريق الظهر.
وسار الجيش حتى صار إلى الهرث، فأمر أبو العباس بتعبير الدواب إلى الهرث، فعبرت، فصارت إلى الجانب الغربي من دجلة، وأمر بأن يسلك بها طريق دير العمال فلما أبصر الزنج الخيل دخلتهم منها رهبة شديدة، فلجئوا إلى الماء والسفن، ولم يلبثوا أن وافتهم الشذا والسميريات، فلم يجدوا ملجأ واستسلموا، فقتل منهم فريق، وأسر فريق، وألقى بعضهم نفسه في الماء فأخذ أصحاب أبي العباس سفنهم، وهي مملوءة أرزا، فصارت في