للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابهم وشجعانهم، فردوا وجوه الزنج حتى ثاب الناس، وتراجعوا إلى مواقفهم، ودامت الحرب بينهم إلى وقت صلاة العصر فأمر أبو أحمد عند ذلك غلمانه أن يحملوا على الفسقة بأجمعهم حملة صادقة، ففعلوا ذلك، فانهزم الزنج وأخذتهم السيوف حتى انتهوا إلى دار الخبيث، فرأى الموفق عند ذلك أن يصرف غلمانه وأصحابه على إحسانهم، فأمرهم بالرجوع، فانصرفوا على هدو وسكون، فأقام الموفق في النهر ومن معه في الشذا يحميهم، حتى دخلوا سفنهم، وأدخلوها خيلهم، وأحجم الزنج عن اتباعهم لما نالهم في آخر الوقعة وانصرف الموفق ومعه أبو العباس وسائر قواده وجميع جيشه قد غنموا أموال الفاسق، واستنقذوا جمعا من النساء اللواتي كان غلب عليهن من حرم المسلمين كثيرا، جعلن يخرجن في ذلك اليوم أرسالا إلى فوهة نهر أبي الخصيب، فيحملن في السفن إلى الموفقية إلى انقضاء الحرب.

وكان الموفق تقدم إلى أبي العباس في هذا اليوم أن ينفذ قائدا من قواده في خمس شذوات إلى مؤخر عسكر الخبيث بنهر أبي الخصيب، لإحراق بيادر ثم جليل قدرها، كان الخبيث يقوت أصحابه منها من الزنج وغيرهم، ففعل ذلك وأحرق أكثره وكان إحراق ذلك من أقوى الأشياء على إدخال الضعف على الفاسق وأصحابه، إذ لم يكن لهم معول في قوتهم غيره، فأمر أبو أحمد بالكتاب بما تهيأ له على الخبيث وأصحابه في هذا اليوم إلى الآفاق ليقرأ على الناس، ففعل ذلك.

وفي يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ذي الحجة من هذه السنة وافى عسكر أبي أحمد صاعد بن مخلد كاتبه منصرفا إليه من سامرا، ووافى معه بجيش كثيف قيل إن عدد الفرسان والرجالة الذين قدموا كان زهاء عشره آلاف، امر الموفق بإراحة أصحابه وتجديد أسلحتهم وإصلاح أمورهم، وأمرهم بالتأهب لمحاربة الخبيث فأقام أياما بعد قدومه لما أمر به

<<  <  ج: ص:  >  >>