أصحابه، فأمر لهم بالخلع، وأقر لهم الأنزال، ثم تتابعت المطوعة من البلدان، فلما تيسر له ما أراد من السكر الذي ذكرنا، عزم على لقاء الخبيث، فأمر بإعداد السفن والمعابر وإصلاح آلة الحرب في الماء وعلى الظهر، واختار من يثق ببأسه ونجدته في الحرب فارسا وراجلا، لضيق المواضع التي كان يحارب فيها وصعوبتها وكثرة الخنادق والأنهار بها، فكانت عدة من تخير من الفرسان زهاء ألفي فارس، ومن الرجالة خمسين ألفا أو يزيدون، سوى من عبر من المطوعة وأهل العسكر، ممن لا ديوان له، وخلف بالموفقية من لم يتسع السفن بحمله جما كثيرا أكثرهم من الفرسان.
وتقدم الموفق إلى أبي العباس في القصد للموضع الذي كان صار إليه في يوم الثلاثاء لعشر خلون من ذي القعدة سنة تسع وستين ومائتين من الجانب الشرقي بإزاء دار المهلبي في أصحابه وغلمانه ومن ضمهم إليه من الخيل والرجالة والشذا وأمر صاعد بن مخلد بالخروج على النهر المعروف بأبي شاكر في الجانب الشرقي أيضا، ونظم القواد من مواليه وغلمانه من فوهة نهر أبي الخصيب إلى نهر الغربي وكان فيمن خرج من حد دار الكرنبائي إلى نهر أبي شاكر راشد ولؤلؤ، موليا الموفق، في جمع من الفرسان والرجالة زهاء عشرين ألفا، يتلو بعضهم بعضا، ومن نهر أبي شاكر إلى النهر المعروف بجوى كور جماعة من قواد الموالي والغلمان، ثم من نهر جوى كور إلى نهر الغربي مثل ذلك وأمر شبلا أن يقصد في أصحابه ومن ضم إليه إلى نهر الغربي، فيأتي منه مؤازيا لظهر دار المهلبي، فيخرج من ورائها عند اشتباك الحرب، وأمر الناس أن يزحفوا بجميعهم إلى الفاسق، لا يتقدم بعضهم بعضا، وجعل لهم أمارة الزحف، تحريك علم أسود أمر بنصبه على دار الكرنبائي بفوهة نهر أبي الخصيب في موضع منها مشيد عال، وأن ينفخ لهم ببوق بعيد الصوت، وكان عبوره يوم الاثنين لثلاث ليال بقين من المحرم سنة سبعين ومائتين، فجعل بعض من كان على النهر المعروف بجوى كور يزحف قبل ظهور العلامة، حتى قرب