من ظفروا به، فمكث درمويه ومن معه يفعلون هذه الأفعال إلى أن قتل الفاجر وهم بموضعهم الذي وصفنا أمره، لا يعلمون بشيء مما حدث على صاحبهم فلما فتح بقتل الخبيث موضعه، وأمن الناس وانتشروا في طلب المكاسب وحمل التجارات، وسلكت السابلة دجلة، أوقع درمويه بهم، فقتل وسلب، فأوحش الناس ذلك، واشرأب لمثل ما فيه درمويه جماعة من شرار الناس وفساقهم، وحدثوا أنفسهم بالمصير إليه وبالمقام معه على مثل ما هو عليه، فعزم الموفق على تسريح جيش من غلمانه السودان ومن جرى مجراهم من أهل البصر بالحرب في الأدغال ومضايق الأنهار، وأعد لذلك صغار السفن وصنوف السلاح، فبينا هو في ذلك وافى رسول لدرمويه يسأل الأمان له على نفسه وأصحابه، فرأى الموفق أن يؤمنه ليقطع مادة الشر الذي كان فيه الناس من الفاجر وأشياعه.
وذكر أن سبب طلب درمويه الأمان كان أنه كان فيمن أوقع به قوم ممن خرج من عسكر الموفق للقصد إلى منازلهم بمدينة السلام، فيهم نسوة، فقتلهم وسلبهم، وغلب على النسوة اللاتي كن معهم، فلما صرن في يده بحثهن عن الخبر، فأخبرنه بقتل الفاسق والظفر بالمهلبي وأنكلاي وسليمان بن جامع وغيرهم من رؤساء أصحاب الفاسق وقواده ومصير أكثرهم إلى الموفق في الأمان وقبوله إياهم وإحسانه إليهم، فأسقط في يده، ولم ير لنفسه ملجأ إلا التعوذ بالأمان ومسألة الموفق الصفح عن جرمه، فوجه في ذلك، فأجيب إليه.
فلما ورد عليه الأمان خرج وجميع من معه حتى وافى عسكر الموفق، فوافت منهم قطعة حسنة كثيرة العدد لم يصبها بؤس الحصار وضره مثل ما أصاب سائر أصحاب الخبيث، لما كان يصل إليهم من أموال الناس وميرهم.
فذكر أن درمويه لما أومن وأحسن إليه وإلى أصحابه، أظهر كل ما كان في يده وأيديهم من أموال الناس وأمتعتهم، ورد كل شيء منه إلى أهله ردا ظاهرا مكشوفا، فووفق بذلك على إنابته، فخلع عليه وعلى وجوه