للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما جرى بينه وبين البقال في حق النوى، فوثبوا عليه فضربوه، وقالوا: الم ترض ان اكلت تمرنا حتى بعت النوى! فقال لهم البقال: لا تفعلوا، فانه لم يمس تمركم، وقص عليهم قصته، فندموا على ضربهم اياه، وسألوه ان يجعلهم في حل، ففعل وازداد بذلك نبلا عند اهل القرية لما وقفوا عليه من زهده.

ثم مرض، فمكث مطروحا على الطريق، وكان في القرية رجل يحمل على اثوار له، احمر العينين شديده حمرتهما، وكان اهل القرية يسمونه كرميته لحمره عينيه، وهو بالنبطية احمر العينين، فكلم البقال كرميته هذا، في ان يحمل هذا العليل الى منزله، ويوصى اهله بالإشراف عليه والعنايه به، ففعل واقام عنده حتى برا، ثم كان يأوي الى منزله، ودعا اهل القرية الى امره، ووصف لهم مذهبه، فأجابه اهل تلك الناحية، وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارا، ويزعم انه يأخذ ذلك للإمام، فمكث بذلك يدعو اهل تلك القرى فيجيبونه واتخذ منهم اثنى عشر نقيبا، امرهم ان يدعو الناس الى دينهم، وقال لهم: أنتم كحواريى عيسى بن مريم، فاشتغل اكره تلك الناحية عن اعمالهم بما رسم لهم من الخمسين الصلاة التي ذكر انها مفترضه عليهم.

وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فوقف على تقصير اكرته في العمارة، فسال عن ذلك، فاخبر ان إنسانا طرا عليهم، فأظهر لهم مذهبا من الدين، واعلمهم ان الذى افترضه الله عليهم خمسون صلاه في اليوم والليلة، فقد شغلوا بها عن اعمالهم، فوجه في طلبه، فاخذ وجيء به اليه، فسأله عن امره، فاخبره بقصته، فحلف انه يقتله.

فامر به فحبس في بيت، واقفل عليه الباب، ووضع المفتاح تحت وسادته، وتشاغل بالشرب، وسمع بعض من في داره من الجوارى بقصته، فرقت له.

فلما نام الهيصم أخذت المفتاح من تحت وسادته، وفتحت الباب واخرجته، واقفلت الباب، وردت المفتاح الى موضعه فلما اصبح الهيصم دعا بالمفتاح ففتح الباب فلم يجده، وشاع بذلك الخبر، ففتن به اهل تلك الناحية، وقالوا:

رفع ثم ظهر في موضع آخر ولقى جماعه من اصحابه وغيرهم فسألوه عن قصته، فقال: ليس يمكن أحدا ان يبدأني بسوء، ولا يقدر على ذلك منى،

<<  <  ج: ص:  >  >>