على المنبر بمدينه السلام في مسجد جامعها، بان عمر بن عبد العزيز بن ابى دلف صار الى بدر وعبيد الله بن سليمان في الامان يوم السبت لثلاث بقين من شعبان سامعا مطيعا منقادا لأمير المؤمنين، مذعنا بالطاعة والمصير معهما الى بابه، وان عبيد الله بن سليمان خرج اليه فتلقاه، وصار به الى مضرب بدر، فاخذ عليه وعلى اهل بيته واصحابه البيعه لأمير المؤمنين، وخلع عليه بدر وعلى الرؤساء من اهل بيته، وانصرفوا الى مضرب قد اعد لهم، وكان قبل ذلك قد دخل بكر بن عبد العزيز في الامان على بدر وعبيد الله بن سليمان، فولياه عمل أخيه عمر، على ان يخرج اليه ويحاربه، فلما دخل عمر في الامان قالا لبكر: ان اخاك قد دخل في طاعه السلطان، وانما كنا وليناك عمله على انه عاص، والان فأمير المؤمنين اعلى عينا فيما يرى من أمركما، فامضيا الى بابه.
وولى عيسى النوشرى أصبهان، واظهر انه من قبل عمر بن عبد العزيز، فهرب بكر بن عبد العزيز في اصحابه، فكتب بذلك الى المعتضد، فكتب الى بدر يأمره بالمقام بموضعه الى ان يعرف خبر بكر وما اليه يصير امره، فأقام وخرج الوزير عبيد الله بن سليمان الى ابى محمد على بن المعتضد بالري، ولحق بكر بن عبد العزيز بن ابى دلف بالاهواز، فوجه المعتضد في طلبه وصيفا موشكير، فخرج من بغداد في طلبه حتى بلغ حدود فارس، وقد كان لحقه- فيما ذكر- ولم يواقعه، وباتا، كل واحد منهما قريب من صاحبه، فارتحل بكر بالليل فلم يتبعه وصيف، ومضى بكر الى أصبهان، ورجع وصيف الى بغداد، فكتب المعتضد الى بدر يأمره بطلب بكر وعربه، فتقدم بدر الى عيسى النوشرى بذلك، فقال بكر بن عبد العزيز:
عنى ملامك ليس حين ملام ... هيهات احدث زائدا للوام
طارت غيايات الصبا عن مفرفى ... ومضى أوان شراستى وعرامى