وعلم اصحاب بدر بعد ذلك بقتل الشيخ، فطلبوه في القتلى فلم يجدوه، ودعا الحسين بن زكرويه الى مثل ما دعا اليه اخوه، فأجابه اكثر اهل البوادى وغيرهم من سائر الناس، واشتدت شوكته وظهر وصار الى دمشق، فذكر ان أهلها صالحوه على خراج دفعوه اليه، ثم انصرف عنهم، ثم سار الى اطراف حمص، فتغلب، عليها، وخطب له على منابرها، وتسمى بالمهدى، ثم سار الى مدينه حمص، فاطاعه أهلها، وفتحوا له بابها خوفا منه على انفسهم فدخلها، ثم سار منها الى حماه ومعره النعمان وغيرهما، فقتل أهلها، وقتل النساء والأطفال ثم سار الى بعلبك فقتل عامه أهلها حتى لم يبق منهم- فيما قيل- الا اليسير، ثم سار الى سلميه فحاربه أهلها ومنعوه الدخول، ثم وادعهم واعطاهم الامان، ففتحوا له بابها، فدخلها، فبدا بمن فيها من بنى هاشم، وكان بها منهم جماعه فقتلهم، ثم ثنى باهل سلميه فقتلهم اجمعين.
ثم قتل البهائم، ثم قتل صبيان الكتاتيب، ثم خرج منها، وليس بها عين تطرف- فيما قيل- وسار فيما حوالى ذلك من القرى يقتل ويسبى ويحرق ويخيف السبيل.
فذكر عن متطبب بباب المحول يدعى أبا الحسن انه قال: جاءتني امراه بعد ما ادخل القرمطى صاحب الشامة واصحابه بغداد، فقالت لي: انى اريد ان تعالج شيئا في كتفي، قلت: وما هو؟ قالت: جرح، قلت:
فقعدت، ورايتها مكروبه كئيبه باكيه، فسألتها عن حالها، وقلت:
ما سبب جراحتك؟ فقالت: قصتي تطول، فقلت: حدثيني بها وصادقينى، وقد خلا من كان عندي، فقالت: كان لي ابن غاب عنى، وطالت غيبته، وخلف على اخوات له، فضقت واحتجت واشتقت اليه، وكان شخص الى ناحيه الرقة، فخرجت الى الموصل والى بلد والى الرقة، كل ذلك اطلبه، واسال عنه، فلم ادل عليه، فخرجت عن الرقة في طلبه، فوقعت في عسكر القرمطى، فجعلت اطوف واطلبه، فبينا انا كذلك إذ رايته فتعلقت به، فقلت: ابنى! فقال: أمي! فقلت: نعم، قال: